عمان - الكاشف نيوز
في شهر رمضان يمتنع الصائم عن جميع شهواته من الطعام والشراب وكل المحرمات التي يقوم بها، كذلك الامتناع عن علاقته الحميمية مع زوجته، حيث يرى الكثير من الأزواج أن رمضان هو اعتزال لمتع الحياة وزينتها، وهو ما يعتبر على خلاف الواقع بحيث يعد رمضان فرصة لتجديد المشاعر والرومانسية بين الزوجين.
رمضان هو شهر الصوم والطاعة والعبادات، لكن هذا لا يمنع أنه شهر يمكن فيه تجديد الحب بين الزوجين من خلال المودة والرحمة، فالرومانسية بين الزوجين ليست محرمة أو حتى مبطلة للصيام خلال نهار رمضان، بل على العكس فربما تزداد الرومانسية خلال الشهر الكريم، والناتجة عن اشتياق كل طرف للآخر، ومن ثم فيجب أن يستغل الزوجان هذا الشهر لبدء صفحة جديدة في حياتهما تكون مبنية على الحب والرضا، ومراعاة كل طرف للآخر، والتغاضي عن هفواته الصغيرة، فيرى الكثير من خبراء الاجتماع أنه يحل للزوجين التعبير عن رومانسيتهما خلال شهر رمضان لكن فيما يتعلق بالعلاقة الخاصة فينبغي ألا تنقطع في رمضان، لأن غضب بعض الأزواج ينتج أحيانا بسبب انقطاع المشاعر الحميمية، لأن عناد الزوجة في التأجيل لما بعد رمضان سيزيد من حدة التوتر والضيق بينهما وسيؤدي إلى اضطراب العلاقة فيما بعد.
وقد أكدت دراسات وأبحاث النفسية، أن الخلافات الزوجية بين الزوجين تقل نسبيا خلال شهر رمضان بنسبة خلافين فقط طوال الشهر، بدلا من سبعة خلافات في الأشهر العادية، ومن ثم وجه علماء النفس نصيحتهم للأزواج ليستغلوا هذا الشهر ويجعلونه شهر عسل يمتلئ بالحب والإيمان والطاعة، وتجديد الرومانسية بين الزوجين مرة أخرى.
ويقول د. محمد عبدالمحسن، أستاذ الطب النفسي بقصر العيني: إن عصبية الزوج خلال شهر رمضان والتي تشكو منها الكثير من الزوجات، ترجع إلى إدمانهم لبعض العادات السيئة مثل التدخين والانقطاع عن تناول الطعام والشراب، أو تناول كوب من الشاي أو القهوة، مشيرا إلى أن كل هذه العادات من شأنها أن تغير من الحالة المزاجية لأي شخص، وتصيبه بالتوتر والغضب.
ويضيف عبدالمحسن: أن الصيام يعد تدريبا عمليا على ضبط النفس وكبح الشهوات والإحساس بالآخر بأن يمسك لسانه عن الفواحش، وأن يغض البصر، وأن يمسك يديه عن البطش والضرب، وتعويد النفس على الصلاة، والذهاب للمسجد، وقراءة القرآن، والتقرب من الله، فيهذب سلوكه وينشرح صدره، مؤكدا أن شهر رمضان فرصة ذهبية لتنمية العلاقات العائلية وتقويتها من خلال التوافق وتنمية علاقة المحبة من خلال المشاركة في كل شيء.
أما عن حدود العلاقة بين الزوجين خلال الصيام، فيوضح د. مجدي عاشور، المستشار العلمي لمفتي الجمهورية، أن الرسول حدد العلاقة بين الزوجين خلال نهار رمضان بحسب التفاوت بين الأشخاص، حيث يقيس الإنسان نفسه، لافتا إلى أن الزوجين يمكنهما التعامل بطريقة طبيعية خلال الصيام مع الحرص على عدم الاقتراب من بعضهما بما يبطل الصوم، فلا تقترب المرأة من زوجها ولا يقترب الزوج من زوجته بما يثير الغرائز، لأن الصوم هو إمساك النفس عن المفطرات من الطعام والشراب وكذلك العلاقة الجنسية، لذلك لابد من الحرص في التعامل بين الزوجين، فعليهما معاملة بعضهما بطريقة حسنة ولكن دون الاقتراب من العلاقة الخاصة، لأنه ليست هناك علاقة خاصة خلال نهار رمضان إلا بين العبد وربه، مشيرا إلى أن علاقة الزوج بزوجته في نهار رمضان، شأنها كشأن علاقته بالطعام والشراب، فلا يقترب من زوجته لغرض قضاء الشهوة، أما فيما يخص مقدمات الجماع كاللمس والتقبيل والضم والمباشرة ونحوها فيفضل تجنبها لأنها من الشهوة التي امتدح الله الصائم بتركها والتقرب منه سبحانه وتعالى، ويظهر ذلك من خلال قوله في الحديث القدسي: “يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي” متفق عليه، لافتا إلى أن هذه المقدمات ليست في مرتبة واحدة لكنها قد تتسبب في إفساد الصوم، كذلك يشترط على الزوج ألا ينجرف وراء تقبيل زوجته، لما رواه أبو داوود عن أبي هُرَيْرَةَ: “أنّ رَجُلاً سَألَ النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن المُبَاشَرَةِ لِلصّائِمِ، فَرَخَصّ لَهُ، وَأتَاهُ آخَرُ فَسَألَهُ فَنَهَاهُ، فإذَا الذي رَخّصَ لَهُ شَيْخٌ، وَالّذِي نَهَاهُ شَابّ”.
وعن وقت الجماع الأمثل بين الزوجين، فيشير د. موسى الخطيب، الأستاذ بكلية الطب جامعة الأزهر، إلى أن ممارسة الجنس بعد الإفطار مباشرة قد تؤدي إلى متاعب، منها عسر الهضم، والإحساس بالتخمة، نتيجة التعطل المؤقت للجهاز الهضمي طوال فترة العلاقة، وعدم نجاح العلاقة الجنسية نفسها، بالإضافة إلي الإحساس بالإجهاد السريع، موضحا أنه يفضل عدم ممارسة الجنس بعد الإفطار مباشرة ولمدة من ساعتين إلى ثلاث ساعات، على أن يكون الوقت المناسب للعلاقة الحميمية مع الزوجة هو بعد الإفطار بثلاث ساعات وحتى وقت السحور.