عمان - الكاشف نيوز
المتأمل في المجتمعات الحديثة، عربية وغربية، يلاحظ أن نسبة هامة من الزيجات تمثل نموذجا عن فارق كبير في السن بين الزوجين، وفي أغلب الأحيان يكون الزوج أكبر بكثير من الزوجة أما الحالات التي يكون فيها الزوج أصغر من الزوجة بفارق كبير فتكون قليلة أو نادرة.
وتختلف الأسباب والمسببات في هذا الخلل من ثنائي لآخر ومن مجتمع لآخر، فهناك مجتمعات تجبر فيها الفتاة على الزواج مهما كان الفارق بينها وبين الرجل خاصة منها تلك التي تنتشر فيها ظاهرة زواج القاصرات، وهناك حالات تضطر فيها الفتاة إلى القبول بمن يفوقها سنا ليس فقط بسبب ضغوط العائلة بل لأسباب تكون في أغلبها اجتماعية كوضعيات المطلقات والأرامل وأيضا الهاربات من العنوسة…
وفي خضم كل هذه الحيثيات الدالة على الإجبار أو الاضطرار نجد حالات مبنية على اختيار واع بفارق السن وقابل له ومقتنع بالشريك الذي وقع اختياره، وهي حالات مرتبطة عموما بعلاقات حب متبادل بين الطرفين تجعلهما يغضان الطرف عن إشكالية الفارق في السن ويؤمنان بقدرتهما على تجاوزها وتحقيق السعادة.
وفي هذا الإطار تتنزل دراسة ألمانية حذرت النساء من أن الزواج من رجال أصغر سنا يعجل من احتمالات إرسالهن إلى القبور مبكرا، وتقول الدراسة، التي نشرت تفاصيلها في دورية "الديموغرافيا" إن الاقتران بشريك حياة أصغر سنا قد يزيد من احتمالات الوفاة المبكرة بنسبة 20 في المئة.
إلا أن المخاطر لا تتوقف عند ذلك فحسب، فالزواج برجل أكبر سنا لا يقل خطورة بدوره، استنادا إلى خلاصة مستقاة من بيانات ما يقرب من مليوني زوج وزوجة من الدنمارك، وتوصي الدراسة بتقارب عمري الزوجة والزوج، كأفضل خيار "صحي" للزواج.
وفي محاولة لتفسير أسباب ذلك، قال سفين دريفاهل، من "معهد ماكس بلانك للبحوث الديموغرافية" في روستوك بألمانيا: "واحد من التفسيرات الممكنة هو أن الزواج من رجل أصغر سنا ينتهك الأعراف الاجتماعية وبالتالي يعاني من عقوبات اجتماعية."
ويعني هذا وصم الزوجين بالغريبين أو حتى بالـ"خوارج" ما يعني تلقيهما لدعم اجتماعي أقل، والمعاناة من حياة اجتماعية مجهدة معرضة للانتقادات وللضغوط تجعلهما يعانيان من مشاكل نفسية قد تنتج بدورها ضعفا عاما للصحة"، وفق الباحث.
وعلى نقيض النساء، وجدت الدراسة أن الرجل يتمتع بصحة أوفر عند الزواج من امرأة تصغره سنا، على خلاف أقرانهم ممن يتزوجون من نساء يكبرنهم سنا إذ يتسارع بينهم خطر دنو الأجل المحتوم، فالرجل الذي يتزوج من امرأة تصغره ما بين 7 و9 أعوام، تتراجع فرص وفاته بنسبة 11 في المائة، غير أن الدراسة فشلت في إيجاد أسباب واضحة لهذا التفاوت.
وعلى الجانب الإيجابي، شدد معدو الدراسة على أن الزواج ليس سيئا لمتوسط العمر المتوقع بالنسبة إلى الرجال والنساء على حد سواء مقارنة بسواهم من غير المتزوجين، ورغم تشكيك البعض بشأن قيمته، إلا أن الزواج يوفر الراحة للعقل والبدن، كما أثبت بحث دولي موسع في ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وأوضحت دراسة شملت حوالي 34500 شخص من 15 بلدا أن المتزوجين أقل عرضة للمعاناة من الاكتئاب والقلق وإساءة استعمال المواد المخدرة.
وقال أخصائي علم النفس السريري، كيت سكوت، من "جامعة أوتاغو" في نيوزيلندا: "ما تشير إليه دراستنا أن رابط الزوجية يوفر الكثير من الفوائد للصحة النفسية لكل من الرجل والمرأة، وأن الأسى والاضطرابات المرتبطة بالانفصال يمكن أن تجعل الناس عرضة للاضطرابات العقلية."
قد يكون زواج الرجال بفتيات أصغر منهم بكثير أو السيدات الناضجات بشباب في مقتبل العمر أمرا شائعا في هوليوود ، لكن الأمر يختلف في حال تطبيقه في الحياة العادية ويمكن أن يؤدي الفارق العمري الكبير بين الزوجين إلى نتائج غير مستحبة تصل إلى الطلاق، وفقا لما توصل إليه أساتذة اقتصاد بجامعة كولورادو الأميركية في دنفر.
وقالت صحيفة بريطانية إن الدراسة خلصت إلى أن وجود فوارق عمرية كبيرة بين الزوجين -أكثر من ثماني سنوات- يجعل الزوجين أكثر فقرا وحماقة وأقل جمالا، وتتزايد هذه العناصر كلما اتسعت الفجوة العمرية بين الزوجين.
وأكد الخبراء أنه كلما اتسعت الفجوة العمرية بين الزوجين، كلما كان أداؤهما أكثر سلبية في جميع القطاعات.
ويرى علماء النفس والاجتماع أن الفارق في السن بين الزوجين يؤثر بطريقة ما على الحياة الزوجية سواء من ناحية العلاقات الحميمية وحيث تعاني كثير من الحالات من تفاوت في الرغبة وضعف القدرة من الطرف الأكبر سنا فيشعر الطرف المقابل بعدم الإشباع، وأيضا من ناحية التفاهم والانسجام خاصة إن كان كل طرف ينتمي إلى جيل غير جيل شريكه وبذلك تختلف نظرتهما وتقديرهما للأشياء.