عمان - الكاشف نيوز
قصة حب عنيفة تدوم لسنوات، ثم شعور بأن ذاك الشخص هو الوحيد الذي يصلح لقضاء معه ما تبقى من العمر، ثم قرار بالزواج، ثم ماذا يحدث..
أصبح تحول الحب العنيف إلى علاقة فاترة بعد الزواج شبه قاعدة عامة، من ينجو منها هم مجرد استثناء، فهل صحيح أن كل هؤلاء عاشوا الوهم قبل الزواج وأفاقوا على حقيقة مفزعة؟ ربما، لكن ماذا عن أولئك الذين نجت سفينة زواجهم من الغرق؟ وما سر نجاتهم؟
الإجابة قدمها استشاري العلاقات الزوجية "غاري تشابمان" في كتابه "The Five Love Languages" أو "لغات الحب الخمس"، والذي كشف فيه عن أن جميع البشر يعبرون عن مشاعر الحب بخمس طرق مختلفة، أطلق عليها "لغات الحب"، ما يعني أنه لاكتمال علاقة حب بين طرفين لابد أن يتحدثا نفس لغة الحب لكي تصل مشاعر كل منهما للآخر، وإلا فستبدأ الاتهامات والانتقادات المتبادلة التي سرعان ما تحول الحياة إلى جحيم.
لغات الحب الخمس أو طرق التعبير عن الحب التي حددها تشابمان في كتابه هي: (كلمات التشجيع — تكريس الوقت — تبادل الهدايا — الأعمال الخدمية — الاتصال البدني). ونجح تشابمان من خلال توضيح دور لغات الحب في إنقاذ ملايين الزيجات التي كانت على وشك الانهيار، حيث يسرد في كتابه قصص واقعية للأزواج الذين عادت الحياة لزواجهم بعد الانتباه لفكرة لغات الحب الخمس.
حقق كتاب "لغات الحب الخمس" مبيعات تجاوزت ال2.5 ملايين نسخة رسمية، فضلا عن مئات الآلاف ممن حضروا ندوات تشابمان التي تدور حول الفكرة ذاتها وغيرهم ممن شاهدوا الأشرطة المصورة لتلك الندوات، أو تواصلوا مع تشابمان بشكل مباشر، وحقت لهم فكرة "لغات الحب الخمس" ما وصفهم بعضهم بالـ"معجزة" في إنقاذ علاقة كانوا قد يئسوا من إصلاحها.
الوقوع في الحب… والحب الحقيقي
في بداية الكتاب يوضح تشابمان الفارق بين الحب الحقيقي وما يسمى "بتجربة الوقوع في الحب"، ويقصد بالوقوع في الحب ذلك الشعور بالانجذاب المفاجئ وربما غير المنطقي لشخص ما، غالبا ما يكون هذا الشعور ناتجا عن الحاجة الغريزية للتواصل مع الطرف الآخر لإشباع الحاجات العاطفية أو الجنسية.
يستحوذ هذا الشعور على تفكير الإنسان، ويزداد مع مرور الوقت ويجعل الشخص المحبوب هو آخر ما نفكر به قبل النوم وأول ما نفكر به عند الاستيقاظ، يصحب ذلك شعور سعادة غامرة إلى أن يصل الإنسان إلى مرحلة الهوس، التي تجعله لا يستمتع بشيء إلا في وجود المحبوب.
قبل الزواج يصل الحبيبان إلى اقتناع تام بأن الطرف الآخر شخصا مثاليا، حتى وإن خطرت لهما فكرة مرور علاقتهما بعد الزواج بمشكلات نجدهم يصرون على أنهم سيتجاوزونها في إطار من الحب والتفاهم، هكذا يبدأ الزواج ولدى كل من الطرفين أمل كبير في أن تستمر حالة الرومانسية إلى الأبد وهنا تبدأ المشكلة.
حدد تشابمان الدورة الطبيعية لانتهاء "تجربة الوقوع في الحب" بمدة عامين، ربما تزيد قليلا في بعض الأحيان، بعدها يبدأ الشريكان في الهبوط إلى أرض الواقع، لا نتحدث هنا عن مسؤوليات الحياة اليومية فقط بل حقيقة النفس البشرية أيضا، وهي أننا —البشر- أنانيون، لكن السعادة الغامرة التي صاحبت تجربة الوقوع في الحب هي ما أخفت عنا تلك الحقيقة.
أثبتت ملايين التجارب الحياتية أن ما يتخيله البعض حبا قبل الزواج أو الارتباط الرسمي، ليس الحب الحقيقي الذي يمكن للإنسان الركون إليه حتى نهاية الحياة، فالوقوع في الحب مجرد حالة كتب لها أن تكون مؤقتة، فإما أن تتحول لتأخذ شكل العلاقة الصحية بعد الزواج إذا كان الشريكان على قدر كافي من الوعي، أو أن تتحول لعلاقة مشوهة تصبح فيما بعد مصدرا لمعاناة الطرفين إن أصرا على العيش في أوهام تجربة الوقوع في الحب، وهذا للأسف السيناريو الأكثر شيوعا.
تظهر أنانية كل طرف عندما يبدأ بعد الزواج في التعبير عن حبه لشريك حياته بالطريقة التي تناسبه هو حتى وإن لم تناسب الاحتياجات العاطفية للطرف الآخر، فنجد أن هناك طرف يمنح ما يراه هو حبا وطرف لا يعي من الأساس أن ما يقدم له هو الحب، لأنه ببساطة لا يلبي احتياجاته العاطفية، وهنا يأتي دور توضيح لغات الحب الخمس.
لغات الحب الخمس
كما ذكرنا سابقا هي: كلمات التشجيع — تكريس الوقت — تبادل الهدايا — الأعمال الخدمية — الاتصال البدني. يعبر كل منا عن حبه بالطريقة التي ينتظر من شريكه معاملته بها، فالزوج الذي يمتدح زوجته كثيرا أمام الغرباء والأقرباء ويثني على جمالها ومهاراتها، ويشجعها على التقدم في مسيرتها المهنية، ينتظر في المقابل منها أن تقدر ما يبذله من مجهود في العمل، فهذا الزوج لغته الأساسية في الحب هي.. (كلمات التشجيع).
نفس الزوج لابد وأن يستنكر برود زوجته وعدم تقديرها لما يبذله من مشاعر الحب لأنها لا تبادله كلمات التشجيع، ولا يدرك أن حاجاتها ليست لمثل هذه الكلمات بل أنها تحتاج بشكل أساسي إلى أن يقضي وقتا أطول معها يستمع إليها بكامل انتباهه، أو يخرجا معا في نزهة يتجاذبان فيها أطراف الحديث ويسترجعان ذكريات حبهما الأولى، في هذه الحالة نجد أن لغة الحب الخاصة بالطرف الأول كلمات التشجيع أما الطرف الآخر فلغته هي.. (تكريس الوقت).
في حالة ثانية نجد أن إحدى الزوجات تهتم كثيرا بتقديم هدية لزوجها في كل مناسبة وتحرص على اختيار الهدية التي تتفق مع رغباته وذوقه، فهي تنتظر أن يبادرها زوجها بفعل مماثل، لكن للأسف في كثير من الأحيان لا يحدث ذلك، فهو لا يعي دور الهدايا في التعبير عن الحب، فلابد وأنها ستشتكي من إهماله لها وعدم مبادلتها الحب لأن لغتها الأساسية في الحب هي.. (تبادل الهدايا).
ذلك الزوج قد يكون بريئا من جريمة عدم الحب، كل ما في الأمر أنه يعبر عن حبه بطريقة مغايرة وهي أن يعانقها كلما دخل المنزل أو قبل مغادرته، أو أن يربت برفق على ظهرها عندما يشعر بحزنها أو أن يمارس العلاقة الحميمة معها بانتظام، فهو يرى أن مثل هذه التصرفات دليل قاطع على حبه واهتمامه بها، فيتعجب من غضبها منه واتهامها له بالتجاهل، ذلك لأنها لا تعي أن لغته الأساسية في الحب هي.. (الاتصال البدني).
وكثيرا ما يحدث أن تهتم السيدات بإدارة شؤون منزلهم والقيام بأعمال الطهي والنظافة ورعاية الأطفال على أكمل وجه في انتظار أن يقدم الزوج مساعدة لهم في مثل هذه الأعمال، فهي ترى أن إعداد وجبة لذيذة أو غسل الملابس وترتيبها تعبيرا عن الحب جدير بأن يقابل بفعل مماثل من الزوج، لكن للأسف فإن معظم الرجال لا يعون مثل هذه الطريقة في التعبير عن الحب، و لا يدركون أن لغة الحب التي تحاول زوجاتهم التواصل بها معهم هي.. (الأعمال الخدمية).
تعلم لغة الحب الخاصة بشريكك
الأمر إذن يستحق أن يتعلم كل من الزوجين لغة لحب الأساسية لشريكه، وذلك أولا لكي يكون الجهد المبذول للتعبير عن الحب في مكانه الصحيح، ثانيا لأن ذلك سينعكس بشكل إيجابي على الطرف الذي سيأخذ المبادرة، فإن شعرت الزوجة بأن احتياجاتها العاطفية يتم تلبيتها بالشكل الكافي ستبدأ بشكل تلقائي في السعي نحو تلبية الحاجات العاطفية لزوجها ولن تجد مانعا في تعلم لغته الخاصة في الحب.
بقي أن نتعلم كيفية استكشاف لغة الحب الخاصة بشريك الحياة، والأمر لن يتطلب سوى ملاحظة دقيقة لما يؤثر في شريكك، وردة فعله أمام كل لغة من لغات الحب الخمس، هل تسعده هدية أم يسعده عناقا طويلا، أم تغزو الابتسامه وجهه بعد يوم عمل طويل عندما يجد المنزل نظيفا ومرتبا أم أنه يصبح أكثر ابتهاجا لكلمات الثناء والتشجيع عما يبذله من مجهود في عمله، أو ربما لا يجد الراحة سوى في جلسة رومانسية مطولة يتحدث كل طرف فيها عن أحداث يومه.
طريقة ثانية لاستكشاف لغة الحب الخاصة بالشريك، هي مراقبة تفاصيل حديثه التي حتما ستتضمن شكوى ولو ضمنية مما ينقصه، فربما شكوى شريكك المتكررة من عدم وجودك إلى جواره تعني أن لغته الأساية تكريس الوقت، أو شكواه من عدم نظافة المنزل تعني أن لغته الأساسية هي الأعمال الخدمية، وهكذا فتعبير الإنسان عما ينقصه يشير إلى حاجته إلى لغة ما دون غيرها.
أخيرا، قد يتخيل البعض أنه يعرف لغته الأساسية في الحب، لكن ربما يكتشف خطأ هذا الاعتقاد، عندما يطرح شريكه عليه بعض الأسئلة حول ما يمكن فعله لإسعاده، ويشار هنا إيضا إلى أن البعض قد يتحدث لغتين من الحب في آن واحد وهي فرصة جيدة تمنح الطرف الآخر حرية الاختيار لتحقيق نتائج أطيب وأسرع لاستعادة الحب الذي يوشك على الانهيار.