عمان - الكاشف نيوز
يصل الأزواج الذين تسود الخلافات حياتهم المشتركة إلى اعتبار الطلاق الحل الوحيد لمشكلاتهم، وبعد الفراق وما يتبعه من متاعب نفسية لكليهما وخصوصا للأبناء تبدأ فترة التفكير في ما حصل بينهما وفي الظروف التي أوصلت علاقتهما للنهاية. بعض الأزواج يعتبرون بعد التفكير أن الطلاق كان الحل الوحيد والأفضل وآخرون يتبين لهم أنه لا يمكنهم مواصلة حياتهم طبيعيا دون الطليق ويصلون إلى استنتاج أنه حب الحياة الذي لا يمكنهم الاستغناء عنه مهما كان المقابل لذلك.
يعني الطلاق في غالبية الحالات انقطاع روابط الحب والعواطف بين طرفي العلاقة وهناك من المطلقين على الحدود الدنيا من التواصل لأجل الأبناء ومن بينهم من يفضل القطيعة التامة ويسعى لتحقيقها، لكن بعض الأزواج يرون الأمور بطريقة مغايرة للماضي ومن زوايا أخرى مختلفة عن تلك التي كانوا ينظرون منها إبان الخلافات الزوجية وقد يشعر أحد الزوجين أو كليهما بتجدد مشاعر الحب تجاه شريك حياته الذي انفصل عنه.
تقول كريمة حسين، مهندسة، إن تصرفات زوجها أصابتها بالملل نتيجة كثرة المشاجرات والتي أصبحت عادة يومية فطلبت منه الطلاق. واتفقا على أن يزور أبناءهما يومين في الأسبوع، واستمر هذا الوضع لمدة ثلاثة أشهر، وبعد ذلك باتا هذان اليومان موعدا وفرصة منتظرة للالتقاء بالآخر واكتشفا في الأثناء أنهما عاشقان لا يستطيعان التخلي عن بعضهما. واستمر هذا الوضع لمدة 7 شهور بعد ذلك تواعدا على لقاء ثنائي خارج المنزل بحجة الأولاد وكانا يمرحان سويا كما لو كانا شابين في فترة الخطوبة إلى أن طلب منها أن يعودا لبعضهما فوافقت على الفور.
أما أمل أحمد، محامية، فتقول إنها تزوجت دون أن تتعرف على زوجها فقد تقدم لخطبتها ووافق عليه أهلها وأجبروها على الزواج. وأصرت على العمل بعد الزواج فوافق، وكانت تتعمد أن تصر على أشياء أخرى كثيرة لأنها تعرف أنه سيوافق لإرضائها. ترسخ في ذهنها أن هذا دليل على ضعف شخصيته وقد حدثت بينهما مواقف كثيرة كانت تغضب وتثور في وجهه رغم أنها مخطئة وكان يتحملها بل ويعتذر لها.
إذا شعر الزوجان بأنهما لم يستطيعا التعايش فيمكن أن يأخذا "إجازة طلاق"، ويبتعدان عن بعضهما فترة وكأنهما مطلقان
ووصل الأمر إلى إهانتها له وقالت له “أنت ضعيف الشخصية، أنت بلا كرامة” فكان رده “أنت طالق”، وتركها وذهب؛ فكانت هذه الكلمة الناقوس الذي دق ليوقظها على حقيقة تماديها في الخطأ. حاولت كثيرا أن تعتذر له ولكن محاولاتها باءت بالفشل حتى أنها حاولت الانتحار لأنها اكتشفت أنها تحبه ولا تستطيع الابتعاد عنه، وعندما عرف ذلك اتصل بها ليطمئن عليها وعاد للتواصل معها ثم اتفقا على الزواج مرة أخرى.
ومن جانبه يقول علي أحمد، محاسب بأحد البنوك، “كانت حياتي روتينية جدا بين عملي وبيتي لذا لم أكن أشعر بزوجتي نهائيا فأحضر إلى البيت أجدها منشغلة بالأولاد، وعندما تتذكرني وتتفرغ لي تجدني نائما، فمللت من هذا الروتين، وعندما صارحتها تشاجرنا وغضبت وطلبت الطلاق لأنها اعتقدت أنني أقول لها ذلك لأنني أريد الزواج مرة ثانية. رفضتُ طبعا أن أطلقها ولكنها ذهبت إلى أهلها وعندما ذهبت لأصالحها اكتشفت أن أسرار بيتي يعرفها أهلها، فما كان مني إلا أن رميت عليها يمين الطلاق، ولكن بعد فترة اقترح علي زملائي أن أتزوج امرأة أخرى، ولكنني لم أنس زوجتي وتساءلتُ كيف تحملتني في مراحل حياتنا فذهبت إليها واعتذرت وطلبت منها أن نعود معا”.
ويروي محمد سالم، مذيع، “حياتي الزوجية كانت مليئة بالمشكلات بين أهل زوجتي وأهلي، وجاء اليوم الذي تصاعدت فيه الأحداث بين العائلتين واتفقنا على الطلاق. وبعد حوالي سنة ونصف السنة علمت أن رجلا تقدم لخطبتها فشعرت بشيء غريب، ولكن لم أعرف تفسيره فذهبت إليها وطلبت الزواج منها ثانية وعدنا لبعضنا وأخبرنا أهالينا أننا لا نريد أي تدخل منهم لعدم تكرار المأساة مرة أخرى”.
ويرى أستاذ علم الاجتماع عثمان حسين أن هناك تناقضا تاما بين الطلاق والحب، فالطلاق هو الانفصال والبعد تماما، أما الحب فهو علاقة جميلة تجمع بين قلبين، مؤكدا أن الطلاق قد يكون سببا في تقارب الزوجين من بعضهما البعض ومعرفة كل منهما لقيمة الآخر في حياته.
وأوضح أن حب ما بعد الطلاق يكون نتيجة أخطاء ما قبل الزواج، فتجد الزوجين أحيانا فرحين ببعضهما في فترة الخطوبة ولم يفكرا بأن يضعا لنفسيهما الأسس التي ستسير عليها مسيرة الزواج وعاشا في الخيال فاصطدما بالواقع الذي يجعلهما يقفان لا يعرفان هل يسيران أم يعودان كما كانا، وبالتدريج يصل معظم الزوجين إلى الطلاق وبعدها يشعران بحبهما مرة أخرى فيعرضان الرجوع ولكن هذه المرة كل واحد منهما يعرف ما هي مساوئ ومحاسن الطرف الآخر، وعندها يحددان مصير هذا الحب.
ويضيف حسين أن الغالبية العظمى من الناس لا يعرفون قيمة الشيء إلا بعد أن يخسروه، وهذا طبيعي، ولكن ليس عند الناس جميعا بل معظمهم، وهناك بعض الأشخاص المصابين بشيء يسمى “حب التملك” وهو ألا تكون زوجتي أو مطلقتي لشخص آخر حتى إن لم أتزوجها فهي لي فقط، وأحيانا يكون السبب في هذا الغيرة.
وينصح المختص الاجتماعي الأزواج فيقول إنه إذا شعر الزوجان بأنهما لم يستطيعا التعايش مع بعضهما فيمكن أن يأخذا “إجازة طلاق”، حيث يبتعدان عن بعضهما فترة زمنية وكأنهما مطلقان ليجربا العيش هكذا، وعندها يمكنهما اتخاذ القرار الصحيح ويتفقان عليه أيا كان.
أما الشيخ مسعد أنور من علماء الأزهر فقد اعترض على هجر الرجل لمنزل الزوجية وقال إن الآية الكريمة تقول “واهجروهن في المضاجع” أي لا تهجروا إلا المضاجع فقط حتى لا تدب مشاعر الفرقة والكراهية بينهما فقد نظم الإسلام العلاقة بين الرجل والمرأة، وحدد الطلاق ثلاث مرات لكي يعطي الفرصة لصيانة البيوت حتى يراجع الزوج نفسه في المرة الأولى ليرد زوجته في المرة الثانية والثالثة وبعد ذلك لا يحق لهما العودة.