عمان - الكاشف نيوز
تعتبر قضية زواج ذوي الإعاقة من القضايا المهمشة مجتمعيا وبحثيا وإعلاميا، حيث إنها لم تأخذ الحق الكافي في البحث والطرح، رغم أنها من القضايا التي تهم شريحة واسعة في الوطن العربي والمجتمع الكويتي من أولياء الأمور والناشطين والمهتمين بقضاياهم، بل تحتل حيزا مهما في حياتهم وحقهم في الحياة الكريمة التي كفلتها لهم معظم التشريعات والقوانين المعمول بها في البلدان المختلفة.
1_1 الباحث في أصول التربية د.علي حسن البلوشي هذا ما أكده الباحث في أصول التربية د.علي حسن البلوشي، مشيرا إلى أن زواج ذوي الإعاقة يعتبر من أقل الموضوعات التي تناولتها الصحافة العربية بواقع %1.
وخلصت الدراسة التي حصلت القبس عليها إلى أن غالبية الأفراد من ذوي الإعاقة بواقع %80 يرون في أنفسهم الكفاءة والقدرة على الزواج وتلبية احتياجاته، وهذا ينم عن الثقة بالنفس التي يمتلكونها فضلا عن مشاركاتهم في الفعاليات والأنشطة المختلفة واندماجهم بالمجتمع، فيما أقر %30 من المشمولين بالاستطلاع من ذوي الإعاقة بأن النظرة السلبية للمجتمع من أهم معوقات زواجهم، وتساوت الصعوبات المادية والحالة الصحية والخوف والقلق من الزواج من وجهة نظرهم بواقع %20 مقابل اختاروا إجابة «الأسرة».
واعتقد %90 من العينة أن فكرة الزواج ناجحة وأنه يجب أن يتم الزواج من شخص سليم «غير معاق» لتحقيق التكامل والتوازن بين الطرفين، معتبرين أن الكويت من الدول الرائدة في رعاية ذوي الإعاقة، ويتمثل هذا الاهتمام في الدستور الكويتي الذي يعطي للمعاق كل الحقوق والواجبات وفق مبدأ المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص حسب القدرات والإمكانات فضلا عن تشجيعه على الزواج.
واقع الأفراد ولفت في دراسته العلمية - التي حصلت القبس على نسخة منها حول «زواج الأفراد ذوي الإعاقة في المجتمع الكويتي بين الواقع والمأمول»، إلى أن %43 من البلدان تعمل على توعية الجمهور بشأن حق ذوي الإعاقة في حياة الأسرة، بما في ذلك حقوق الأبوة، و41.2 في المئة تعمل على توعية ذوي الإعاقة أنفسهم، مشددا على ضرورة تعديل الاتجاهات السلبية من الوالدين والمجتمع والإعلام تجاه ذوي الإعاقة. وذكر أن هذه القضية من القضايا المهمة التي فرضت نفسها في أجندة عمل المهتمين بهذه الفئة من أفراد المجتمع في الآونة الأخيرة مع تطور الوعي بأهمية تحسين نوعية الحياة لهذه الفئة من أفراد المجتمع، مشيرا إلى قلة الدراسات والأبحاث العلمية التي طرقت موضوع زواج ذوي الإعاقة وما يحتاجونه من دعم ومساندة من قبل الدولة والأسرة ومؤسسات الدولة في ضوء العدالة الاجتماعية.
وأرجع السبب في قلة اهتمام المجتمع بما يحتويه من أجهزة ووسائل الإعلام ومن الأسر ومؤسسات المجتمع المدني بموضوع زواج هذه الفئة ووسم التطرق إليه بالعيب، إلى قلة الوعي والتثقيف بهذا الموضوع في المجتمعات العربية عموما ومجتمعنا الكويتي بصفة خاصة.
وأضاف: «لا شك في أن الاختلال في تطبيق مبدأ العدالة والإنصاف في التعامل مع قضايا المعاقين عموما ومسألة الزواج خصوصا يسبب قصورا في الجانب الاجتماعي والإنساني لهذه الفئة، ويعول على الباحثين والناشطين وجمعيات النفع العام في كسر حاجز الجمود وتغيير النظرة لزواج المعاقين». واعتمد الباحث في دراسته، التي شملت عيّنة من المواطنين، قوامها 100 فرد من الذكور والإناث من مختلف الإعاقات في المجتمع الكويتي، بواقع (60 ذكورا، و40 أنثى)، تتراوح أعمارهم بين 17 - فما فوق 35 عاما، واشتملت العينة المستجوبة على إعاقة بصرية، %40 إعاقة حركية، %30 إعاقة ذهنية، إضافة إلى %20 إعاقة سمعية، اعتمد على أداة الاستبانة كأداة لتجميع البيانات، متضمنة مجموعة من المحاور الخاصة بتشخيص واقع نظرة وفكرة ذوي الإعاقة لموضوع الزواج.
جدلٌ كَبِير وفيما عرف الباحث الشخص المعاق وفقا للقانون 8 لعام 2010 بأنه «كل من يعاني اعتلالات دائمة كلية أو جزئية تؤدي إلى قصور في قدراته البدنية أو العقلية أو الحسية، قد تمنعه من تأمين مستلزمات حياته أو المشاركة بصورة كاملة وفعالة في المجتمع على قدم المساواة مع الآخرين»، لفت إلى أن الهدف من زواج ذوي الإعاقة هو قدرة الشريكين على مساعدة بعضهما البعض في تلبية أمور الحياة اليومية، وتخطي الكثير من الصعوبات التي يواجهانها، فضلا عن الرعاية والتكافل والتراحم فيما بينهما. وتحدث عن مفهوم الكفاءة في القدرات البدنية أو الحسية أو العقلية، ملمحا إلى أن هناك تجارب ناجحة فيما يتعلق بزواج ذوي الإعاقة يقابلها تجارب أخرى لم تنل حظها في النجاح. وأوضح أن قضية زواج ذوي الإعاقة أثارت جدلا طويلاً حولها بين مؤيد ومعارض، فهناك أصوات ترفض فكرة زواج المعاقين سواء من قبل أسرة المعاق أو من قبل المعاق نفسه أو من المجتمع، هذه الأصوات تصعب من زواج المعاقين وتحسمها مسبقا بأنها تجربة فاشلة، والبعض الآخر ينظر إلى أن الزواج ضرورة ملحة لكل شاب من ذوي الإعاقة يقترن بفتاة مثله أو فتاة سليمة ليتغلب على هموم الإعاقة ويتجاوز مرحلة الانطواء حتى يحقق التوازن النفسي والاكتفاء الاجتماعي.
ضوابط شرعية وقانونية وطبية تستلزم الأخذ بها ذوو الإعاقات الذهنية هل مؤهلون للزواج؟ بينت الدارسة أن هناك الكثير من الشروط والضوابط يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار في زواج الأشخاص ذوي الإعاقة، فهناك ضوابط شرعية ودينية وقانونية واجتماعية وتربوية، وأسرة الشخص المعاق لا تخرج بتفكيرها ونظرتها لابنها أو ابنتها المعاقة عن دائرة المجتمع، الذي يعيش به الشخص المعاق، مضيفاً «كلما كانت الأسرة واعية ومدركة لطبيعة الإعاقة والصعوبات التي يعاني منها ابنها أو ابنتها المعاقة اختلفت النظرة الى قضية الزواج». وشددت على أنه يجب أن تتحقق في الزواج المصلحة عن طريق إخبار الطرف الآخر بالإعاقة، لأنها عيب فلا يجوز كتمانه، وكذلك عدم الضرر، بحيث يكون المعاق مأموناً لا يعرف بالعدوانية والإفساد لدفع الضرر عن الطرف الآخر، مردفا: «في مجتمعنا الشرقي تكون الأسرة هي أول من يتصدى لمشروع زواج الأبناء ذوي الإعاقة، مع أنه في بعض الحالات يكون الشخص المعاق نفسه أول من يفكر في الزواج».
آراء متباينة واستند الباحث في دراسته إلى رأي علماء الدين، حيث تباينت آراؤهم ما بين مؤيد ومعارض للفكرة، فالفريق الأول طالب بزواج ذوي الإعاقة لاعتبارات إنسانية، كونهم بشر ولهم حقوق وعليهم واجبات، ولكن لابد أولاً من استشارة الطبيب والحصول على موافقته أولاً، فيما رفض الفريق الثاني زواج ذوي الإعاقات الذهنية الشديدة رفضاً قاطعاً لعدم أهليتهم، ولعدم قدرتهم على تحمل أعباء ومسؤوليات تكوين الأسرة، ولذلك فإن زواج المعاق ذهنياً غير جائز طبقاً لأحكام الشريعة والقانون.
وأوضحت الدراسة أن الغالبية العظمى من أولياء الأمور أجمعوا على رفض زواج أبنائهم، لأنه مسؤولية كبيرة، فيما وافق البعض الآخر بشروط معينة، منها أن تكون درجة الإعاقة بسيطة، وأن يتم الزواج تحت إشراف جهة علمية مختصة وموثوق بها، بالإضافة إلى إشراف ومتابعة الأسرة وأخصائيين يتابعون الزواج ويوجهونه من خلال جلسات الإرشاد الديني والاجتماعي والنفسي والأسري والتربوي.
مبررات شرعية وبحسب الدراسة، رأى خبراء التربية الخاصة وعلماء الاجتماع والنفس أن الشخص ذا الإعاقة الذهنية البسيطة يمكن له الزواج، بخلاف الاعاقات الذهنية الشديدة فلا يحق لهم الزواج، كونهم غير قادرين على القيام بالمسؤوليات وإعالة أنفسهم وغيرهم، متفقين على عدم وجود مبرر شرعي أو قانوني يمنع زواج الإعاقات الآخرى، فيما ذهب رأي رجال القانون في الدراسة إلى أن الزواج في مثل هذه الحالات جائز، إذا تم حسب نصوص الشريعة الإسلامية، ووفقاً لتقارير طبية تحددها الجهات المعنية. آثار الزواج واستعرض الباحث في دراسته الآثار التربوية والاجتماعية والنفسية الناجمة عن زواج ذوي الإعاقة، منها الأمان الاجتماعي، الدمج المجتمعي، الإشباع العاطفي والجنسي، وكذلك الإحساس بالمسؤولية، فضلا عن تحقيق الاتزان النفسي، داعيا إلى ضرورة شغل الفرد المعاق بما هو مفيد إن لم يتحقق الزواج، مثل ممارسة الهوايات والرياضة والعمل التطوعي. كما شدد على ضرورة محاربة عزل المعاق عبر التحاقه بجمعيات النفع العام، لما لها من دور تربوي واجتماعي، وزيادة الوعي الإدراكي، واستثمار وقت فراغه، وغرس الإحساس بأهمية الفرد، مؤكدا ضرورة تغيير نظرة المجتمع نحو الأشخاص المعاقين، والتأكيد على أن كثيرا من حالات الإعاقة تعود إلى أمراض طارئة، وليست وراثية، فضلا عن تحسين نظرة المعاق نحو ذاته. وأكدت الدراسة أهمية توفير دخل مناسب لغير القادرين على العمل، وتمكين القادرين من إيجاد فرص للعمل، فضلا عن إنشاء أماكن مهيأة للدورات التثقيفية للمعاقين الراغبين في الزواج، وكذلك توفير مؤسسات تأهيلية خاصة تقدم الدعم والمساندة والإرشاد للمقبلين على الزواج
. وألمحت الدراسة إلى أن التشريعات العربية لم تتعرض إلا لزواج المعاق عقلياً، واتفقت جميعها على حقه في الزواج وتكوين الأسرة، شريطة أن يكون ذلك بإذن طبي أو بإذن صادر من المحكمة ورضاء الطرف الآخر. مركز زواج.. وحملات توعوية طالب الباحث الجهات المختصة والمؤسسات المهتمة بشؤون ذوي الاحتياجات الخاصة بإنشاء مركز للزواج خاص بأصحاب الإعاقة للتوفيق بين الشاب والفتاة ومساعدتهما على الزواج، فضلاً عن القيام بحملات توعوية بالمدارس والجامعات والمساجد ومن خلال الصحف والإذاعة والتليفزيون للتوعية بأهمية المعاقين وضرورة قبولهم وإدماجهم بالمجتمع
. فرص داعمة دعا الباحث في دراسته إلى تكثيف دور المجتمع وتشجيع ذوي الإعاقة على الزواج والتكوين الأسري، مع توفير الفرص الداعمة لإتمام هذا المشروع ومنحهم الفرص المعيشية والوظيفية وتوعيتهم بالإيجابيات، بحيث يدخل الشخص ذو الإعاقة مضمار الحياة وهو مستعد لمواجهة صعاب الحياة وتحدياتها، إضافة إلى عقد جلسات إرشادية وتوعوية قبل وبعد الزواج. لجنة الزواج والتوافق اقترح الباحث إنشاء لجنة أو قسم خاص في كل جمعية نفع عام تختص وتهتم بزواج ذوي الإعاقة، مثل لجنة الزواج والتوافق التي أنشأتها جمعية أمي جنتي، ونجحت في تحقيق عدة حالات من الزواج لذوي الإعاقة، مشددا على ضرورة الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص وجمعيات النفع العام لدعم هذا الزواج.
الفحص الطبي لفت الباحث في دراسته إلى أهمية إجراء الفحص الطبي للزواج، سواء للأشخاص المعاقين أو غيرهم، ما يساعد في تحديد مسببات الإعاقة إن وجدت، وهذا الإجراء يسهم في خلق أجواء إيجابية عند الطرفين الراغبين في الزواج، إضافة إلى تفهم المجتمع حقوق هذه الفئة ومنحها الحق في تقرير المصير في مختلف جوانب الحياة، كالزواج والتعليم والرياضة والعمل. ثقافة العيب أشار الباحث إلى أن وجود العديد من المحاذير التي تسبق تبني زواج ذوي الإعاقة، سواءً من قبل الأسر أو المجتمع أو من قبل ذوي الإعاقة أنفسهم، لافتا إلى تحاشي ذوي الإعاقة وأسرهم مناقشة هذا الموضوع بصراحة وشفافية بسبب «ثقافة العيب» والخجل. 1_3 7 عوائق تعترض الحياة الزوجية
1- نظرة المجتمع للمعاق وتفكيره في أنه غير منتج وغير صالح للمجتمع والخوف من فشل زواج المعاق.
2- البحث عن زوجة أو زوج يقبل بالزواج من معاق.
3- المشاكل المادية عند الشخص المعاق مثل غلاء المهور، وتوافر الأجهزة التعويضية والمواصلات والسائق والمرافق (من يقوم بالخدمة والمساعدة).
4-عدم التكيف، أو القدرة على تكيف الزوج أو الزوجة، بالحياة مع المعاق. 5- الاستغلال المادي من قبل بعض الأسر بعد التقدم للزواج. أيضاً عدم إقبال الفتيات على الارتباط بشخص معاق، رغم انه يمكن أن يكون أفضل بكثير من أشخاص عاديين أخلاقيا ونفسياً.
6- الحالة الصحية، فبعض حالات الإعاقة وخاصة الذهنية الشديدة، بطبيعة الحال، صاحبها غير مدرك لأفعاله وتصرفاته، ففي هذه الحالة هو غير قادر ولا يصح له الزواج لأنه غير مأمون المخاطر مع احتمالية إنجاب أبناء يحملون نفس درجة الإعاقة.
7- هناك حالات تعاني من عجز جنسي وعدم القدرة على ممارسة الحياة الزوجية بشروطها ومتطلباتها الكاملة، وكذلك الحالات السريرية.