عمان - الكاشف نيوز
منذ خلق الأنسان وهنالك عاطفة بشرية فطرية تسمى الحب , وهذه العاطفة بالتحديد , لها العديد من الوجوه , فوجه لحب العائلة , ووجه لحب الاصدقاء , ووجه لحب الناس , ووجه لحب الأوطان .....الخ , وجميع هذه الوجوه بينها شيئ واحد مشترك وهو الكلمة المكونة من حرفين , لكن لكل من تلك الوجوه معنى يختلف كلياً عن معنى الوجه الأخر , فالحب الذي نشعر به تجاه الأسرة لا يشبه شعورنا بحب الأصدقاء او حب الاوطان , وهنالك عوامل تؤثر في هذه الوجوه منها ما هو عامل نفسي ومنها العوامل المادية المكتسبة من المحيط الذي نعيش فيه, ولا اعتقد أنني سأختلف مع أغلبكم في تلك الوجوه المذكورة أعلاه , لكن قد يكمن الخلاف في معنى الحب بين الذكر والأنثى . واليكم التفاصيل.
لا اعتقد أن هنالك في هذا العصر من لم يعيش حالة حب مع فتاة ما, قابلها في مكان ما , وبدأ العاشقان يتبادلان كلمات الحب الرنانة , التي تذوب الصخر والفولاذ ,فما بالك بوقعها على القلب وعلى المراهق الذي يسمع مثل هذا الغزل لأول مرة في حياته , وهذا الغزل بالفطرة البشرية مطلوب ومرغوب , فالكل منا يعشق أن يكون هنالك من يهتم به ويسأل عنه , ويبادله الحب والغزل والغرام , والكل منا تطربه مثل تلك اللحظات , فينام وهو يحلم بتلك النغمات التي ترافقه طوال فترة القلق ما قبل النوم , فيأخذ الحبيب العاشق الولهان , بالتحضير لليوم التالي , وتحضير ما يمكن تحضيره من عبارات غزلية قد تكون قيلت الاف المرات على لسانه , لكنه يرهق نفسه في البحث عن كلمات جديدة يجذب من خلالها الحبيب وهذا بالطبع ينطبق على الطرف الآخر.
ويوماً بعد يوماً يصبح هذا العاشق المفتون اسيراً للحب والغرام , ويصبح كمجنون ليلى الذي استنسخ منه الملايين , لكن للأسف هذا الاستنساخ لم ينجح في عصرنا هذا , فما هو هذا الحب وما هو معناه؟
لا احد يستطيع أن يجد معناً معمماً وواحداً للحب , لكن الحب بالمفهوم الشمولي , هو ذاك الشعور الذي يخترق الانسان , فيصيبه بمقتل فيصبح كالمدمن الذي لا يستغني عن اعراضه وتأثيراته الجانبية , والجميع في هذا العالم حين يود أن يعبر عن حبه , لا بد له أن يقترن بشعاراً واحداً لهذا الحب وهو القلب , وشكل القلب , فمن يحب يرسم قلباً كاملاً , ومن تعثر في هذا الحب يرسم قلباً شطر الى نصفين , ومن يعاني مشاكل عاطفية يرسم قلباً بلون أصفر , فهل هذا يعني أن المكان الوحيد للحب هو القلب؟ بالنسبة لي أقول لا والف لا , فإن أضعف أنواع الحب هو حب القلب , لأن القلب متقلب , تارة يعشق وتارة أخرى يكره , وكلا الشعوريين شعور صادق , فحين نشعر بحب تجاه شخص أخر في لحظة ما ,فهذا شعور صادق , ولكن قد نشعر في اليوم التالي بالكره تجاه نفس الشخص , وهذا ايضاً شعور صادق , إذا طالما القلب يستطيع أن يعشق ويستطيع أن يكره في نفس الوقت ونفس الشخص , فهذا يعني أن القلب هذا جزءاً متقلباً ,يتأثر بالمعطيات المحيطية التي تؤثر فيه سلباً او ايجاباً.
لكن هنالك حباً أخر قد لا يتأثر كثيراً بالعواطف وتقلبات الطقس , وهو حب العقل , اي بمعنى أن يكون هذا الحب نابع عن تفكير عميق وبعيداً عن مؤثرات الغزل وغيرها من العوامل التي تضر بحقيقة مشاعرنا , وهذا الحب العقلي هو الحب الذي قد يدوم أكثر من حب القلب. لأنه لا يعتمد اعتماداً مباشراً على المؤثرات المحيطة بنا , وإنما يعتمد على تحليل تلك المؤثرات وتصنيفها , ولا يأخذها بدون بحث وتدقيق , فيصبح هذا الحب حباً مغربلاً , نتج عن تفكير وعن قناعة.
وهنالك حباً أخر أكثر روعة من كلا النوعيين , وهو حب الروح , وهذا الحب بالتحديد لا يكترث الى المظاهر , والمغريات الدنيوية , وأنما يتوجه دائماً الى روح الانسان مباشرة , وهذا الحب قد يقع ما بين أجمل الجميلات وما بين أقبح القبيحين , وهذا الحب سادتي هو الحب الذي يخلوا من أية مصلحة مادية .
والأن دعوني أعود الى عنوان هذا المقال وما علاقة الجنس في هذا الحب . بالنسبة لي فأنا أعتقد أن الجنس هو سر نجاح او فشل اية علاقة حب على وجه الارض , بأستثناء بعض الحالات الشاذة . وقد يتسائل الجميع من أين لك هذا التأكيد على أن الجنس هو سر نجاح او فشل هذا الحب؟ ولكل من يسأل أقول :
لو أخذنا شريحة من شرائح مجتمعاتنا الارضية بغض النظر عن القارة التي تنتمي لها هذه الشريحة , وركزنا على شرائح انتهت علاقة الحب بينهم بالزواج , وهو الهدف الاسمى لذاك الحب ,ودرسنا تلك الشرائح دراسة عميقة , وكم من هذه العلاقات بائت بالفشل وكم منها نجح واستمر , ولو أخذنا الشريحة التي انتهت بالفشل ودققنا بعمق وبشفافية بأسباب هذا الفشل سنجد أن الجنس من أهم العوامل التي ادت الى فشل تلك العلاقة .ودعونا نفسر هذه الاسباب بنوع من التخصيص والبحث العميق .
حين يترجم الحب الى زواج ما بين الذكر والأنثى , يصبح فعل الزواج هذا هو المحك الحقيقي لحقيقة هذا الحب , لأن الزواج يظهر للطرف الأخر حقائق لم يكن يكترث لها , بدافع المثالية , وبدافع الحب الذي يسبق الزاوج , وكأن المسامحة ما قبل الزواج هي مصيدة كبرى لحصول فعل الزواج وأنتهاء العلاقة به , ولكن حين تبدأ العلاقة الجدية ما بين الذكر والأنثى , وتصبح المثاليات لا مكان لها في هذا العالم الجديد , تبدأ عوامل التعري والتصحر التي كانت مغطاة بغبار الغزل والوله بالظهور شيئاً فشيئاً , فما عاد هنالك سبباً للتسامح , لأن الزواج قد وقع , ويبدأ كل طرف بالظهور على حقيقته الأصلية , ويذوب التطبع أمام قوة الطبع .ودعونا نعود من جديد الى موضوع الجنس وما هو الرابط ما بينه وبين الفشل او النجاح ؟ حين تنتهي علاقة الحب القيسية بالزواج , يبدأ مشوار التطبيق الفعلي لهذا الحب , وإظهار العواطف الغريزية الكامنة في كل طرف من الاطراف المتحابة , وأول ترجمة لهذا الحب هو العلاقة الجنسية , حيث لا يكتمل هذا الحب بدونها , وهنا تكون نقطة الانعطاف الخطيرة في تلك العلاقة , فكل طرف له قدرات جنسية متفاوته , وكل طرف له طريقة ومفهوم مختلف لتلك العلاقة الجنسية , فمنهم من يعتبرها التعبير الحقيقي للحب , ومنهم من يعتبرها واجب من الطبيعي ممارستها حتى لو جردت من العاطفة , وحين يبدأ تطبيق تلك العلاقة الجنسية بين الطرفين , تبدا علامات أخرى بالظهور تؤثر سلباً او ايجاباً على تلك العلاقة (الحب).
ومن الطبيعي أن يكون لكل منا قدراته الجنسية بغض النظر عن الجنس ذكر او انثى , وكل طرف منا يحاول الوصول الى علاقة جنسية تشبع رغباته وتلبي متطلباته الجنسية , وهذه المتطلبات مرتبطة ارتباطاً مباشراً بالطرف الآخر , فماذا يحدث لو عجز طرف من الاطراف الوصول الى غاية وقدرة الطرف الآخر الجنسية؟هنا لا بد لهذه العلاقة أن تهتز وترتعش اركانها وتصبح مهددة بالانهيار , والسبب في ذلك هو عدم التوافق الجنسي ما بين الطرفين , ويوماً بعد يوم تصبح علاقة الحب القيسية التي ربطت ما بين الطرفين قبل الزواج كأنها كذبة كبيرة, افاق الطرفين على حقيقتها في الميدان العملي , وتذوب هذه المشاعر شيئاً فشيئاً بسبب الاختلافات الجنسية التي ظهرت ما بين الطرفين , وفي اغلب الاحيان يكون الطلاق نتيجة حتمية لهذا الفشل الجنسي , ويصبح الحب الذي ارق الطرفين ليال طويلة , ما هو الا عبارة عن سحابة وهم مرت بلا سلام , وجاءت سحابة أخرى أكثر قوة واكثر واقعية وهي سحابة الجنس التي قد تمطر حباً وقد تمطر مشاكل ليس لها حدود . ويصبح الحب في خبر كان , وتصبح المثاليات ضرباً من ضروب الخيال , وتظهر حقيقة واحدة لا غبار يغطيها , ولا أشعار تكسوها , وهي حقيقة أن الجنس هو سيد الموقف .
ودعوني أسوق لكم مثالاً آخراً قد يثبت صحة ما أقول , ولكن كل هذه الطروحات تعتمد في الاساس على ضمير القارئ الذي يجب أن يكون صريحاً مع نفسه في تقييم هذه العوامل التي تحدثت عنها . فلو جئنا بذكر وأنثى وكلاهما لا يعرف الآخر ولم يقابله في يوم من الأيام , وجمعناهما في مكان واحد , واعلناهما زوجاً وزوجة,وحدثت العلاقة الجنسية الاولى بينهما وبدون مقدمات وبدون استخدام كلمات الحب والغزل , وكانت تلك العلاقة الجنسية في كامل مقوماتها , وأدى الطرفين أدائاً رائعاً أثناء تلك العلاقة , وخرج الطرفان وقد أقتنعا أن هذا هو المطلوب والمطلوب قد حدث , وخرج الطرفان راضيان تماماً عن تلك العلاقة , بعدما تبين لهما انها قد لبت رغبات الطرفين , وأثناء تلك العلاقة سنجد أن كماً هائلاً من الحب قد وقع بينهما , يفوق كل سنوات الحب الزائف ما قبل الزواج , وبعد مدة قصيرة من الزواج سنجد أن هذا المثال من الزواج قد حقق نجاحاً باهراً , وظهرت معالم الحب الحقيقي على محيا الطرفين , وبدأ الغرام الحقيقي بالفعل والكلمة , وبالتأكيد سنجد أن هذه العلاقة تملك مؤهلات الاستمرار بالحب والسعادة وبلا أدنى منغصات بأستثناء بعض المنغصات التي لا تأثير لها على تلك العلاقة , وهنا سنجد أن الاداء الجنسي هو سبب التسامح الحقيقي وهو سبب الحب الحقيقي الذي يستمر الى أبد الابدين .