عمان - الكاشف نيوز
مما لاشك فيه أن لا تناقض بين الغرام والالتزام، لكونهما وجهين لعملة واحدة هي العلاقة الزوجية المتوازنة، حيث إن الغرام يتميز بنظرة مثالية إلى الحبيب تجعل منه كائناً لا عيب فيه مثلها مثل علاقة الطفل بوالديه تماماً، ليغدو العزم على الالتزام النهائي بالتضحية للآخر هو جوهر موقف الوالدين. بمعنى آخر، يحمل الحب الزوجي المتوازن، بعدين أولهما ناجم عن موقف الأبناء ويترجم امتناناً وثقة وتبعية عاطفية، وثانيهما منبثق عن موقف الوالدين وينعكس التزاماً مطلقاً وحساً بالمسؤولية يشعر به الزوجان حيال بعضهما بعضاً. لذلك ما يضمن للحب الزوجي ديمومته هو الالتزام المطلق، إذ إن الغرام وحده لايكفي لكونه متقلباً تبعاً للحالة النفسية أو المزاجية أو المعيشية. الحب في الدرجة الأولى إرادة وقرار يقضي بوضع حياتي كلها بين يدي شخص آخر ..! إن الالتزام المطلق عبر الزواج يسمح للعلاقة الزوجية بأن تتخذ بعداً اجتماعياً إذ إن لمشروع الزيجة طابعه الخاص للغاية، التي تنطلق عادة من الرغبة في إنجاب طفل، لكنه يتسع لاحقاً بشكل لا إرادي ليشمل الشعور بالمسؤولية الاجتماعية، والشعور الأخير يوثق علاقة الحب أكثر فأكثر لكونه يساعد الزوجين على تعزيز روابط الحب بينهما من خلال المجتمع نفسه. الحب لايعني أن ينظر كل من الطرفين إلى الآخر، بل أن ينظرا معاً في اتجاه واحد، هذا الاتجاه يتمثل عادة بمشروع تكوين الأسرة التي تمثل نواة المجتمع وتسهم في تكامله. يبدو للوهلة الأولى أن التعايش قبل الزواج خطوة تحضيرية جيدة تمهد لتجربة زواج ناجحة لكونها اختباراً لا بد منه قبل الخوض في مسألة الالتزام النهائي بمؤسسة الزواج وهي منطقية بالنسبة للأهل. لكن الإحصاءات تدل على أن الزوجين اللذين مرا بهذه التجربة، أي قضيا فترة تعايش معاً قبل الزواج معرضين إلى الطلاق أكثر من غيرهما، بإيجاز تشكل العلاقة الحرة قبل الزواج أحد العوامل الرئيسية للطلاق بشكل مباشر أو غير مباشر. أما تفسير ذلك فهو سهل للغاية، تعايش ماقبل الزواج نوع من العلاقة المبنية على فكرة رفض الالتزام والارتباط، مايعني احتفاظ كل طرف بحقه في انفصال سهل وسريع في حال الضرورة