أخر الأخبار
الخوف من فشل العلاقات.. هل يمنع التدخل “الإيجابي” بمشاريع الزواج؟!
الخوف من فشل العلاقات.. هل يمنع التدخل “الإيجابي” بمشاريع الزواج؟!

عمان - الكاشف نيوز

الخوف من عدم التوافق فيما بعد ووقوع خلافات، قد يمنع كثيرين من الخوض في تجربة الجمع بين “راسين بالحلال”، كما يقال، ليكون السير في تسهيل أمور الزواج من المهام الصعبة.
وعلى الرغم من أن كثيرين يرغبون بأن يكونوا سبباً في التوفيق بين شباب يبحثون عن نصفهم الآخر، وضمن مواصفات يرغبون بها، إلا أنهم يبقون على مسافة بعيدة من التدخل، خوفاً من تحمل المسؤولية فيما بعد في حال فشل العلاقة الزوجية.
ويعد التوفيق بين طرفي العلاقة أمراً دارجاً في المجتمعات؛ حيث يتدخلون كوسيط “يجمع بين الطرفين بطريقة ما، وتقليدية، ومنها ما ينجح وتستمر العلاقة إلى الأبد”.
إلا أن وجود بعض العلاقات التي تفشل فيما بعد جعل كثيرين يبتعدون عن هذه المسألة، كما تقول خولة، التي تشعر بندم كبير بسبب فشل علاقة الزواج التي استمرت 3 سنوات بين شقيقها وزوجته، التي كانت صديقتها في الأساس.
ومع مرور الوقت، باءت هذه العلاقة بالفشل، وانتهت بالطلاق، بالرغم من وجود طفل، ومنذ ذلك الوقت، وهي تشعر بالندم، كونها خسرت صديقتها، إضافة إلى اللوم الذي يقع عليها بين الحين والآخر من شقيقها وعائلتها، أنها هي من قدمت صديقتها “كزوجة” لشقيقها.
وتعتبر خولة أن اختلاف الطباع بين الطرفين، كان السبب في الطلاق، وأنها لم تفرض على صديقتها وشقيقها هذا الارتباط، بل كان مصادفة، وتم توكيلها من قبل عائلتها لإقناع صديقتها بالزواج، ولكن أصبحت هي الآن في منظور عائلتها “سببا في هدم أسرة صغيرة”.
كثير من الأحيان حينما تفشل العلاقة يلقى باللوم على من كان وسيطاً في هذه العلاقة، الأمر الذي جعل كثيرين يبتعدون عن التدخل بسبب الخوف من العواقب.
ولكن الاستشاري الأسري ورئيس جمعية العفاف الخيرية مفيد سرحان، يرى أن اختيار الزوج أو الزوجة من أهم الأمور في حياة الإنسان وتأسيس لمرحلة مهمة والاختيار المناسب يسهم في تحقيق السعادة والتقليل من المشكلات، وغالبية الشباب والفتيات في الوقت الحاضر يحددون مواصفات معينة للطرف الآخر.
ومع التغيرات التي أثرت على جميع مجالات الحياة والعلاقات الاجتماعية، ومنها طريقة اختيار الزوجة، كما في تنوع مجالات العمل وانتشار تعليم الإناث في جميع المراحل، ومشاركة المرأة في كثير من قطاعات العمل في الحياة العامة، زادت إمكانية تعرف الشاب على الفتاة دون وساطة الأهل أو الأصدقاء، وأصبح الزواج يتم نتيجة قرار الطرفين ورغبتهما واقتصار دور الأهل في الغالب على الموافقة على خيار الشاب والفتاة، وهذا له إيجابيات وسلبيات ربما ينعكس أثرها على الجميع، كما يقول سرحان.
ومع ذلك، يعتقد سرحان أنه من المهم وجود رأي أشخاص غير طرفي الزواج في الاستشارة، ويكون ذلك أحياناً بطلب من صاحب العلاقة مباشرة أو من أسرته بقصد معرفة المزيد من المعلومات عن هذا الشخص، وهذا يؤكد الحرص على أن يكون الاختيار سليماً والقناعة بأن قرار الزوج قرار في غاية الأهمية.
وهنا تكون مسؤولية الشخص الذي تطلب مشورته مسؤولية كبيرة، فهو مؤتمن على تقديم الرأي والنصيحة للآخر، ومن المهم أن يكون على معرفة تامة بالشخص الذي يقوم بإبداء الرأي عنه، وأن يكون رأيه في الجوانب التي يعرفها حق المعرفة دون مبالغة، بحيث لا يتحدث في الجوانب التي لا يعرفها ولم يسبق له أن اختبرها وألا يخلط بين رأيه وبين ما يسمعه من الآخرين الذين ربما لا يريدون خيراً لهذا الشخص أو بينهم خلاف أو سوء فهم، وفق سرحان.
ويؤكد أن الشخص الذي يقدم رأيه في ذلك لا يعني أنه يفرضه بل هو يقدم بعض المعلومات التي تساعد الآخر على اتخاذ القرار، وصاحب العلاقة هو من يتحمل المسؤولية لأن شرط الزواج هو الإيجاب والقبول، وهذا يخص الشاب والفتاة المقبلين على الزواج، لكن سماع آراء الآخرين ربما يسلط الضوء على بعض الجوانب غير المعلومة لديه.
الناس متفاوتون في تقديرهم للأمور بحسب قناعاتهم وخبراتهم وأولوياتهم والطباع التي تربوا عليها ونظرتهم إلى الحياة”، يقول سرحان، وهناك تكون الأمور نسبية، ولا تحتكم لنظرية ثابتة، والتحري والسؤال قبل الزواج مهم لكلا الطرفين وليس التسرع في الحكم والاختيار دون تحكيم العقل والانجرار خلف المشاعر والعواطف فقط.
ويشدد سرحان على أن المساعدة على الزواج مهمة ومطلوبة سواء المساعدة المادية أو المعنوية وتيسير سبل الزواج مسؤولية الجميع، الامتناع عن تقديم الرأي أو النصيحة ليس من الأخلاق، وعدم إبداء الرأي للآخرين قد يؤدي إلى وقوعهم في مشكلات كبيرة. وهناك بعض “الزيجات” التي لا تستمر مع أنها خيار الزوجين وحدهما دون تدخل من أحد، وتحميل الآخرين سبب عدم استمرار الزواج أو حدوث المشكلات ليس هو الحكم الأصوب ما دام الزواج تم دون إكراه أو إجبار.
ومن جهته، يؤكد استشاري العلاقات الزوجية والأسرية أحمد عبد الله، أن السعي في الإصلاح بين الزوجين أمر في غاية الأهمية والدقة، ويتطلب من الشخص حكمة ومعرفة ودراية، لأن الكلام الذي سيقوله والإصلاح الذي سيمشي فيه، ينبني عليه حياة كاملة سواء بالانفصال أو الاستمرار، وهو أمر على خطورته إلا أنه مطلوب.
ويعتقد عبد الله أن كثرة المنسحبين من هذه المهمة أدت الى دخول غيرهم ممن يبثون سمومهم في الجسم الأسري، حتى لو كانوا على شكل مستشارين أو مختصين أو من المهتمين بمفهوم الحرية والحقوق.
الإصلاح حاجة مجتمعية ملحة، لأن الخلاف قد يبدأ في أي وقت ويتطور ويكبر قبل تدخل أهل الاختصاص بأساليبهم النظامية، وفق عبد الله، ثم إن الإصلاح مهمة عائلية بالدرجة الأولى، كي لا تكبر المشكلة وتأخذ أبعادا قد يصعب لملمتها في المستقبل، والانسحاب والتخلي هما شعار الضعفاء السلبيين الذين لا يبحثون عن الإصلاح ولا يعتبرون أن لهم دورا فعالا في المجتمع.
ويؤكد عبد الله أن الإصلاح هو حركة الإيجابيين والفعالين في المجتمع، الذين يستشعرون هموم المجتمع ويرون أن لهم رسالة بطريقة ما فيه، إلا أن الإصلاح يتطلب أن يوضع ضمن شروط الحكمة والمعرفة والفهم، والقوة النفسية والعلمية والقوة في الإقناع، ومن الخطير أن يكون عشوائيا غير ممنهج ولا على معرفة بأصول حل المشكلات.