أخر الأخبار
بسبب تأخر الحمل أصيبت زوجتي بالإحباط، فما الحل؟
بسبب تأخر الحمل أصيبت زوجتي بالإحباط، فما الحل؟
السلام عليكم
مرحبًا بك ، ونشكر لك اهتمامك بزوجتك، ومحاولة تحصيل الإجابات لأسئلتها الشرعية والطبية، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقك ويوفقها لكل خير، ويرزقكما الذرية الطيبة، ونقول لهذه المرأة:
اعلمي جيدًا أن الله سبحانه وتعالى أرحم بك من نفسك، وأعلم بمصالحك، وأن الله سبحانه وتعالى يُقدّر المقادير وفق هذا العلم وهذه الرحمة، فالله لطيفٌ بعباده، خبيرٌ عليمٌ بهم، حكيمٌ في فعله بهم، كما أخبر في كتابه الكريم فقال: {اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ} [الشورى: 19]، {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك: 14]، والله تعالى {لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} [يوسف: 100]، فهو يعلم سبحانه وتعالى ما يُصلح هذا الإنسان، بينما قد يعجل الإنسان بتحصيل أمرٍ يظنُّه الخير، والله تعالى يُؤَخّره عنه أو يصرفه عنه؛ لأنه سبحانه وتعالى يعلم أن الخير في خلافه، وقد قال في كتابه الكريم: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 216].
فتأخير الإنجاب سنةً، وسنتين، وثلاثًا، وخمسًا، ليس أمرًا مستغربًا، فهو واقع في الناس بكثرة، وينبغي للإنسان أن يتعامل مع أقدار الله تعالى بنظرة إيجابية، فيأخذ بالأسباب المشروعة لتحصيل ما ينفعه، امتثالاً لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (وفي كل خيرٍ، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولا تعجز)، فيطلب الدواء، ويتعرَّض للفحص اللازم من الناحية الطبية، إذا كان لديه خلل يحتاج إلى دواء تداوى؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (تداووا عباد الله)، وإذا لم يكن الأمر كذلك، فينبغي أن يُفوّض الأمور إلى الله، ويعلم أن تقدير الله تعالى هو الخير، ولكن طبيعة هذا الإنسان هي الاستعجال كما أخبر الله تعالى في كتابه الكريم في آيات عديدة.
فإذًا أوّل الوصايا التي نُوصي بها هذه الأخت أن تُؤمن بقدر الله تعالى، وأن الله تعالى يُقدّرُ الأشياء لحكمة بالغة، وأنه واسع الرحمة سبحانه وتعالى، يُقدّرُ للعبد ما هو خيرٌ له، فينبغي للإنسان أن يرضى بقضاء الله وتدبيره، ويُفوّض أموره إلى الله، ويأخذ بالأسباب، ومن هذه الأسباب الدعاء، وقد دعا الأنبياء ربهم بتحصيل الذريَّة، واستمروا على هذا الدعاء سنين عديدة، كما حكا الله تعالى لنا في كتابه العزيز، وقد ذكر سبحانه وتعالى دعوة زكريا، {وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ (89) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى} [الأنبياء: 89-90]، وقد كانت إجابة هذه الدعوة متأخرة، وكذلك كان الحال مع إبراهيم -عليه الصلاة والسلام-، قال: {رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ * فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ} [الصافات: 100-101].
فالدعاء من الأسباب التي يصل بها الإنسان إلى المطلوب، ولابد من إحسان الظنّ بالله سبحانه وتعالى، حتى يدعو الإنسان بقلبٍ مُقبل على الله، كما قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة)، والله سبحانه وتعالى لا يُعجزه شيء؛ فهو يقدر على أن يرزق هذه الأخت الذريّة كما رزق البشرية الكثيرة من حولها، ولكنّه سبحانه وتعالى يُقدّرُ الأمور بمقادير، فهو سبحانه {يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ} [الرعد: 8].
فلتطرد إذًا عن نفسها هذا اليأس والقنوط، ولتعلم بأن الشيطان يحرص على صدِّها ومنعها من العبادات؛ بأن يُوجد في قلبها هذا اليأس وهذا القنوط، وقد حذّرنا النبي -صلى الله عليه وسلم- من الانقطاع عن الدعاء بسبب إبطاء الإجابة، فيقول: (يُستجاب لأحدكم ما لم يعجل) فسَّر الاستعجال بقوله: (يقول: دعوتُ دعوتُ فلم أرَه يُستجاب لي) يعني: فينقطع عن الدعاء عند ذلك. فهذا الحال حذَّر منه النبي -صلى الله عليه وسلم-، فلا ينبغي للإنسان أن يقع فيه فريسة سهلة للشيطان.