وكالات - الكاشف نيوز: في الوقت الذي تعيش فيه فلسطين ظروفاً بغاية الصعوبة، تمكن منتخب البلاد من مسح بعض الدموع من على خد شعبه ومنحهم الأمل بأن العلم الفلسطيني قادر على التحليق بأكبر المحافل الرياضية مع الوصول إلى الدور الثالث من تصفيات كأس العالم للمرة الأولى بتاريخ البلاد التي باتت أقرب من أي وقت مضى من تحقيق الحلم المونديالي والمشاركة بالبطولة التي تستضيفها أميركا إلى جانب المكسيك وكندا في 2026.
تأهل الفدائيين إلى الدور الأخير لم يكن وليد صدفة بل هو ثمار نجاح وتطور مستمر بالسنوات الأخيرة، فإعلان التأهل كان مضاعفاً، وإلى جانب الذهاب للدور النهائي ضمن المنتخب، جاء التأهل إلى أمم آسيا للمرة الرابعة على التوالي، وهو إنجاز لم تحققه إلا المنتخبات الكبيرة في القارة.
الفلسطينيون حصلوا على الضوء الأخضر من الاتحاد الدولي لكرة القدم عام 1998 ليبدأوا بعدها المشاركة في البطولات القارية والدولية، وبعد 17 عاماً فقط حضروا بأمم آسيا للمرة الأولى، وبعد 26 عاماً يجدون أنفسهم بين 18 منتخباً في الدور الذي تتأهل 8 منتخبات منه إلى كأس العالم ويذهب منتخب آخر للملحق، أي أن نصف المنتخبات الذاهبة للدور النهائي تقريباً ستحجز مقاعدها في كأس العالم.
ومنذ دخول فلسطين للروزنامة الدولية، جربوا العديد من المدارس الكروية لكن المدرسة الشمال أفريقية كانت شريكة بالنجاحات في السنوات الأخيرة، فبعد تقديم صورة قوية مع المدرب الجزائري ولد الدين نور علي بين 2018 و2021، جاء الدور على التونسي مكرم دبوب الذي تسلم تدريب المنتخب بعده، متحولاً من مدرب لحراس المرمى إلى مدرب رئيسي بعدما كانت جميع تجاربه السابقة هي كمدرب للحراس.
قائمة فلسطين اليوم باتت تحمل الكثير من علامات القوة، فالمنتخب الذي تأهل للدور الثاني بالنسخة الماضية من أمم آسيا، خسر من قطر بهدفين لهدف، ما زال يواصل تعزيز قوته باستقدام لاعبين من أصول فلسطينية وُلدوا في الخارج مثل مهاجم الأهلي المصري وسام أبو علي، المولود في الدنمارك والذي لعب لمنتخبات الفئات العمرية تحت 17، و18، و19 عاماً بالدنمارك، قبل أن يخوض مباراته الدولية الأولى أمام لبنان، إضافة لعمر فرج الذي سجل أيضاً حضوره الدولي الأول بالدقائق الأخيرة، علماً أنه كان قد لعب مباراتين وديتين غير دوليتين مع منتخب السويد الأول العام الماضي، أي بعد عودته من ليفانتي الإسباني إلى آيك، أحد أشهر الأندية السويدية.
أبو علي شارك بالهجوم أساسياً إلى جانب عدي دباغ، صاحب الـ25 عاماً، الذي بدأ مسيرته بالدوري الفلسطيني مع شباب الرام وهلال القدس، ثم صعد سريعاً للدوري الكويتي قبل أن يسلك طريقه للدوري البلجيكي مع شارلرواه بالدوري البلجيكي الممتاز، علماً أن الدباغ سجل 16 هدفاً في 37 مباراة دولية وهو معدل مميز جداً.
عدي هو واحد من لاعبين كثر بدأوا مسيرتهم بالدوري الفلسطيني وانتقلوا منه لدوريات أكبر، مثل محمد باسم الذي انطلق أيضاً من الدوري الفلسطيني للعب في بالي الإندونيسي حالياً، إضافة لعدي خروب المحترف في الدوري الماليزي، وتامر صيام المحترف في تايلند.
القائمة الحالية لمنتخب فلسطين تضم 5 لاعبين فقط من الدوري المحلي، 3 منهم هم حراس مرمى، إضافة لمدافع أهلي الخليل الشاب علي ربيع، 21 عاماً، ولاعب وسط هلال القدس محمد درويش الذي خاض 47 مباراة دولية، بالوقت الذي تضم فيه القائمة 6 محترفين بالدوري الليبي، الذي تم اعتبار اللاعب الفلسطيني فيه بمثابة اللاعب المحلي اعتباراً من بداية العام الحالي، حيث مثل هذا القرار إنقاذاً لمسيرة الكثير من اللاعبين في ظل توقف الدوري الفلسطيني منذ السابع من أكتوبر العام الماضي، بالتالي كان الانتقال لليبيا خطوة ضرورية للاستمرار باللعب، علماً أن اللاعب الفلسطيني يُعتبر محلياً أيضاً في الدوري المصري الذي فيه أبو علي مع الأهلي وحامد مع الزمالك، أي أن الفلسطينيين نجحوا بالوصول إلى أكبر ناديين في الدوري.
وسط كل هذه المعطيات تبدو كرة القدم الفلسطينية مستقرة في بلاد لا تعرف الاستقرار، فعلى عكس معظم المنتخبات العربية، لا يهتم الفلسطينيون بعملية التغيير الجائر والمستمر للمدربين، كما أن اللاعب الفلسطيني بات مطلوباً بكل مكان ونرى حضوره بدوريات عربية مختلفة مثل العُماني والإماراتي والكويتي والقطري، إضافة للمصري والليبي، وهو دليل إلى أن الظروف ليست كفيلة لدفع هؤلاء الحالمين للاستسلام فانطلقوا من دوريهم ليحملوا معهم الثقافة الفلسطينية لدوريات أخرى كثيرة، والآن حان الوقت ليحملوا منتخبهم أيضاً ويضعوه بين منتخبات الصف الأول بالقارة.