وكالات - الكاشف نيوز: تنطلق منافسات الدور ربع النهائي لكأس الأمم الأوروبية 2024 في ألمانيا يوم السبت بمواجهتين من العيار الثقيل، الأولى تجمع بين ألمانيا وإسبانيا على ملعب شتوتغارت والثانية بين فرنسا والبرتغال على ملعب هامبورغ.
تُعتبر المباراة الأولى بين ألمانيا وإسبانيا نهائياً مبكراً في البطولة، نظراً لما قدّمه الفريقان حتى اللحظة في أمم أوروبا. من شاهد مباريات كل المنتخبات المشاركة في يورو 2024، يعرف جيّداً أنهما كانا الأفضل على مستوى النتائج والأداء بين الجميع في المباريات الأربع الماضية.
فازت إسبانيا بكل مبارياتها السابقة، علماً أنها وقعت في مجموعة الموت إلى جانب إيطاليا وكرواتيا وألبانيا، وكانت تُحقق كل انتصاراتها عن جدارة وبتفوّق مريح على الخصم، حتى وإن لم تكن النتيجة كبيرة في النهاية.
إسبانيا تمتلك كل المقومات التي تخوّلها الذهاب بعيداً في البطولة. فهي قوية في مختلف الخطوط، كما أنّ المدرّب لويس دي لا فوينتي عرف كيف يوظف كل لاعب في مركزه، من دون أن "يبالغ" في تكتيكاته وخططه.
إسبانيا لم تتلقَ سوى هدف واحد في مرماها، وجاء عن طريق الخطأ من المدافع روبن لو نورماند، ما يؤكّد قوّتها الدفاعية وصلابتها، وصعوبة مهمّة وصول المنافس إلى مرماها. أما خطها الهجومي فهو ضارب بقيادة الأجنحة الطائرة لامين يامال ونيكو ويليامز. تمكن منتخب "لا روخا" من تسجيل 9 أهداف حتى الآن، أي بمعدّل 2.25 هدف في المباراة، وهو رقم ممتاز لمنتخب يسعى للمنافسة على اللقب الرابع في تاريخه.
قوّة "الماتادور" تكمن أيضاً في نقل الكرة بسرعة بين الخطوط، وهذا يجعله يصل بسلاسة إلى منطقة جزاء الخصم وتهديد المرمى. الجميع يخاف من مواجهة إسبانيا حالياً، حتى ألمانيا، رغم أنّ اللاعب توني كروس كان واثقاً من قدرة منتخب بلاده على تخطّي عقبة الإسبان والاستمرار في المسابقة.
أما ألمانيا فقد ظهرت أيضاً بصورة مشرّفة على أرضها وأمام جماهيرها. لم تتمكن من الفوز بكل مبارياتها كما فعلت إسبانيا، إذ سقطت في فخ التعادل أمام سويسرا، لكنها تفوّقت على كل منتخب واجهته في طريقها إلى ربع النهائي، وخرجت بمعدّل تهديفي بلغ 2.5 في المباراة.
الجميع يعلم أنّ ألمانيا مرّت بظروف صعبة لسنوات طويلة، ولم تجد نفسها إلّا قبل انطلاق يورو 2024 بأشهر قليلة، وتحديداً بقيادة المدرّب يوليان ناغلسمان الذي عرف "الخلطة السحرية" وعالج الثغرات. ومع التغييرات التي أجراها مدرّب بايرن ميونيخ سابقاً، استطاعت "الماكينات" العودة إلى الدوران وفرض نفسها من بين المنتخبات المرشحة لحصد اللقب للمرّة الرابعة في تاريخها أيضاً.
"المانشافت" أمام تحدٍ صعب بمواجهة إسبانيا، وهناك 3 نقاط يجب أن يجد ناغلسمان الحل لها، إذا ما أراد التأهل إلى نصف النهائي. الأولى في قلب الدفاع، حيث يتألّق مدافع ريال مدريد أنتونيو روديغر بشكل لافت، لكنّ جوناثان تاه العائد من الإيقاف قد يشكّل نقطة ضعف في هذا المركز، ومن المفضل أن يلعب نيكو شلوتربك أساسياً بدلاً منه، خصوصاً بعد الأداء المميّز الذي قدّمه في المباراة الأخيرة أمام الدنمارك. والنقطة الثانية في الأظهرة، حيث ستواجه ألمانيا هذه المرّة قوّة هجومية فتّاكة وأجنحة سريعة، وعلى يوزوا كيميش أن يكون متيقظاً جداً على الجبهة اليمنى، وكذلك الحال بالنسبة إلى دافيد راوم أو ماكسيميليان ميتلشتات على الجبهة اليسرى، علماً أنّ راوم أكثر صلابة من لاعب نادي شتوتغارت. والنقطة الثالثة هي البحث عن السرعة على الأطراف، الأمر الذي افتقدته ألمانيا أحياناً. جمال موسيالا يلعب كجناح في البطولة، ورغم تألقه، إلّا أنه ليس متواجداً في مركزه ألّا وهو خلف المهاجم (رقم 10). في الجهة المقابلة، فلوريان فيرتز الذي قدّم مباراة واحدة قوية في البطولة، ويجب أن يثبت نفسه أكثر إذا ما أراد أن يلعب أساسياً أمام إسبانيا، أو حتى لوروي ساني الذي يمتلك السرعة اللازمة لكنه يضيّع فرصاً سهلة بالجملة، وتراجع مستواه بشكل ملحوظ هذا الموسم. وكذلك الحال بالنسبة إلى كاي هافيرتز الذي لا يجيد اللعب كرأس حربة.
اللقاء سيكون متكافئاً بين الألمان والإسبان، كما كان الحال تاريخياً، إذ تواجه المنتخبان 26 مرّة، فازت ألمانيا في 9 مباريات وإسبانيا في 8 مباريات وتعادلا 9 مرّات.
قمّة أخرى بين فرنسا والبرتغال
سيكون عشاق كرة القدم على موعد مع قمّة أخرى يوم السبت بين فرنسا والبرتغال. منتخبان مرشحان أيضاً للفوز بلقب أمم أوروبا هذا العام.
فرنسا لم تقدّم بعد المستوى المنتظر منها، رغم أنها كانت المرشحة الأولى للقب قبل انطلاق المسابقة. ورغم الترسانة القوية التي تمتلكها في مختلف الخطوط، بقيادة النجم كيليان مبابي، إلّا أنها عانت كثيراً في المباريات الماضية.
الجميع كان ينتظر فرنسا وأسلوب لعبها الهجومي الممتع، لكن حتى اللحظة، لم تقدّم الأداء المتوقع منها ولم تسجّل أي هدف "طبيعي". ففي مباراتها الأولى أمام النمسا فازت بهدف عكسي، وفي المباراة الثانية أمام هولندا تعادلت سلباً، وفي المباراة الثالثة أمام بولندا تعادلت 1-1 وسجّلت هدفاً من ركلة جزاء، أما في المباراة الرابعة أمام بلجيكا فتفوّقت أيضاً بهدف عكسي.
مشكلة فرنسا بالدرجة الأولى في ترتيب الخطوط وأسلوب اللعب، هي تمتلك كل المقومات لكنها بحاجة إلى التنظيم. وهو عمل المدرّب ديدييه ديشان الذي كثيراً ما يُخطئ بقراراته، حاله حال المدرّب غاريث ساوثغيت مع المنتخب الإنكليزي.
"الديوك" لن يتمكنوا من تخطّي عقبة البرتغال إذا استمرّوا بهذا الشكل، فالمباريات الآن أصبحت أكثر صعوبة وتعقيداً ولا مجال لأي خطأ، خصوصاً أمام "برازيل أوروبا" المرشح الآخر للقب.
حققت البرتغال انطلاقة قوية في هذه البطولة، أمام تشيكيا وتركيا تحديداً، لكنها سقطت بثنائية أمام جورجيا، علماً أنّ المدرّب روبرتو مارتينيز لعب بدكة بدلائه في هذا اللقاء، لأنه كان ضامناً لصدارة المجموعة. أما أمام سلوفينيا، فقد عانى بطل يورو 2016 كثيراً، وكاد أن يخرج من الباب العريض لولا تألق الحارس ديوغو كوشتا الذي أنقذ انفرادية في اللحظات الأخيرة و3 ركلات جزاء في النهاية.
مشكلة البرتغال الأساسية أنها تقوم بهفوات دفاعية قاتلة، قد تكلّفها خسارة المباراة، كما أنها تضيّع الكثير من الفرص أمام المرمى بقيادة الأسطورة كريستيانو رونالدو الذي اقترب من اعتزال اللعبة. رونالدو الذي أضاع ركلة جزاء أمام سلوفينيا وعوّضها بركلة جزاء أخرى في الضربات الحاسمة، يريد أن يثبت للجميع أنه قادر على قيادة منتخب بلاده إلى اللقب مجدّداً. هذا الضغط الذي يضعه على عاتقه قد ينعكس سلباً عليه.
تمتلك البرتغال حالياً من أفضل الأسماء في تشكيلتها، وفي حال ذهابها بعيداً في المسابقة أو إحرازها للقب، سيكون الأمر عادياً لأنها مرشحة بقوّة مع كل هذه العناصر في مختلف الخطوط.
تاريخياً، فرنسا تتفوّق بالمواجهات المباشرة على البرتغال (19 انتصاراً و3 تعادلات و6 هزائم)، وهو أمر منطقي نظراً لتاريخهما على المستوى الدولي، لكن الآن المعركة ستكون طاحنة والمواجهة متكافئة، والذي سيحسم النتيجة تفاصيل تكتيكية بين ديشان ومارتينيز... هي معركة المدرّبين على أرض الملعب.