أخر الأخبار
أسماء شهداء اطفال صورهم عالقة في الأذهان أصبحوا “رموزاً” للإرهاب الإسرائيلي ..(تقرير)
أسماء شهداء اطفال صورهم عالقة في الأذهان أصبحوا “رموزاً” للإرهاب الإسرائيلي ..(تقرير)

غزة - الكاشف نيوز : في جميع مراحل ومحطات الصراع الفلسطيني الإسرائيلي كان الأطفال الفلسطينيون هم الضحية الأبرز، ولا تكاد تخلو مواجهة من ظهور المزيد من الشهداء الأطفال الذين يذهبون ضحية العدوان الإسرائيلي، سواء عبر جيش الاحتلال أو المستوطنين، وكان آخرهم علي دوابشة أمس الجمعة، في مدينة نابلس بالضفة الغربية.

ولكن ثمة أسماء بارزة لشهداء من الأطفال تظل عالقة في الأذهان، ولا يمكن أن تسقط من ذاكرة الفلسطينيين جيلاً بعد جيل، حتى أضحوا رموزاً للنضال الفلسطيني من أجل الانعتاق ونيل الحرية، وتجسيداً لوحشية الاحتلال الإسرائيلي وجبروته، وصمت وربما تواطؤ المجتمع الدولي.

وفي التقرير التالي تم رصد بعض الأطفال الفلسطينيين الشهداء، ممن لا تزال تُعلّق صورهم على جدران المنازل، ولا تخلو منهم أعمال الفنانين على الجداريات والميداليات:


محمد الدرة


يعتبر بمثابة رمز فلسطيني لا يبدو اسمه غريباً حتى على غير الفلسطينيين، بعدما صدمت طريقة قتله قبل 15 عاماً، العالم بأسره وهو في حضن والده، في الأيام الأولى للانتفاضة الفلسطينية عام 2000، وهو لم يزل في الحادية عشرة من عمره.

قُتل محمد الدرة أمام حاجز عسكري إسرائيلي بالقرب من مخيم البريج للاجئين الفلسطينيين وسط قطاع غزة، في الثلاثين من سبتمبر (أيلول) عام 2000، والتقط المشهد بالفيديو وقتها مصور فرنسي، أظهر الطفل وهو يحتمي في حضن والده خلف برميل اسمنتي، وبعد نحيب وصراخ لدقيقة تمدد محمد وقد أضحى جثة هامدة بفعل إصابته بشكل مباشر برصاص الجيش الإسرائيلي، فيما نجا والده "جمال" رغم تعرضه للرصاص.

كانت جريمة قتل محمد الدرة بمثابة الوقود للانتفاضة الفلسطينية الثانية، خصوصاً بعد انتشار المشد كالنار في الهشيم، مع الإشارة إلى أن الجريمة وقعت في اليوم الثاني فقط لبدء الاحتجاجات والمظاهرات الفلسطينية، ليتصاعد الأمر وصولاً إلى انتفاضة شاملة، تغيّرت بعدها معادلة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي تماماً.


فارس عودة


أطلق عليه الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات لقب "الجنرال". استشهد في غزة أيضاً بعد نحو شهرين من حادثة محمد الدرة، شكّل مشهد وقوفه أمام الدبابة الإسرائيلية وهو يرشقها بالحجارة، أحد العلامات البارزة في الانتفاضة الفلسطينية الثانية، وتحوّل إلى أيقونة بالنسبة للفلسطينيين.

استشهاد فارس عودة (15 عاماً) كان في 8 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2000، بالقرب من عبر "كارني" شرق قطاع غزة، بعدما ظهر متحدياً دبابة إسرائيلية، في صورة تصدّرت وقتها الصفحات الأولى للصحف العربية والعالمية، لكن ما لم يظهر في الصورة هو قنصه برصاصة قاتلة من أحد الجنود الإسرائيليين ليسقط شهيداً.

كما حال محمد الدرة، ساهم مشهد تصدي فارس عودة للدبابة الإسرائيلية في إثارة المزيد من الغضب بين الفلسطينيين لتتواصل الانتفاضة بلا هوادة، ويظل اسم فارس عودة مرادفاً للعنفوان الفلسطيني وتكريساً للمقاومة السلمية بالحجارة والأدوات البسيطة، لكن سنوات ما بعد فارس عودة لم تكن أبداً كما قبلها.


إيمان حجو


رضيعة لم يتجاوز عمرها الأربعة أشهر، اخترقت شظية قذيفة دبابة إسرائيلية جسدها الصغير محدثة حفرة بين الصدر والبطن.. تلك كانت الصورة التي انتشرت كالنار في الهشيم في يوم السابع من شهر مايو (آيار) عام 2001، أي بعد عام واحد فقط من اندلاع الانتفاضة الثانية.

تركت الصورة أثراً بالغاً في نفوس الفلسطينيين وزادت من حدة الغضب في قلوبهم تجاه الاحتلال الإسرائيلي الذي كان قد صعّد وقتها من وتيرة اعتداءاته في الضفة الغربية وقطاع غزة، مستهدفاً الصغار قبل الكبار.

كانت إيمان حجو حين استشهادها في حضن والدتها داخل منزلها في مخيم خانيونس للاجئين جنوب القطاع، لكن قذيفة مدفعية إسرائيلية فرقتهما لتزهق روح الطفلة، التي تحوّلت مسيرة تشييعها إلى مظاهرة غضب عارمة، شارك فيها مئات الآلاف من الفلسطينيين، وسط تنديد وشجب عربي ودولي معتاد.


أطفال عائلة الدلو


هذه المرة كان المشهد جماعياً، ويتعلق الأمر بأطفال عائلة "الدلو"، إذ ارتكب جيش الاحتلال جريمة مروّعة بقصفه منزلاً يحوي عدداً كبيراً من الأطفال في مدينة غزة يوم 18 يوليو (تموز) عام 2012، خلال الحرب التي كانت تشنها إسرائيل وقتذاك على القطاع.

في تلك المجزرة سقط خمسة من الأطفال وأصيب العشرات. كان مشهد جثثهم الممزقة والمسجّاة داخل مستشفى الشفاء صادماً، وعبّر بجلاء عن مدى عدوانية إسرائيل، وعدم تفريقها بين الصغار والكبار خلال تلك الحرب التي سقط فيها عشرات الأطفال غير أبناء عائلة الدلو.


محمد أبو خضير


قبل نحو 13 شهراً، وقعت جريمة قتل الطفل الفلسطيني محمد أبو خضير حرقاً في مدينة القدس المحتلة، على أيدي مستوطنين إسرائيليين، في جريمة بشعة، كان لها تداعيات كبيرة، وأعقبها حرب إسرائيلية مدمرة على قطاع غزة.

تعرض محمد فجر يوم 2 يوليو (تموز) 2014، للخطف من قبل مجموعة من المستوطنين الذين أجبروه على الركوب في سيارة كانت بحوزتهم، وبعد ساعات تم العثور على جثته في أحراش دير ياسين، وتبين أنه تعرّض للحرق حياً بعد سكب البنزين على جسده.

فجّرت جريمة قتل محمد أبو خضير غضباً فلسطينياً واسعاً، وخرجت تظاهرات في مختلف المدن الفلسطينية للتنديد بالجريمة، وبعد الحادثة بنحو أسبوع واحد شنّت إسرائيل حرباً مدمرة على قطاع غزة، استمرت لأكثر من 50 يوماً خلّف آلاف الضحايا وخسائر مادية مهولة.


أطفال عائلة بكر


لم يشهد قطاع غزة حرباً أكثر وحشية من تلك التي شنتها إسرائيل العام الماضي، وكما كل مرة وأكثر، كان الأطفال من طليعة الضحايا لتلك الحرب، لدرجة يصعب معها حصر المجازر التي راح ضحيتها أطفال طيلة شهر ونصف الشهر هي عمر الحرب.

لكن مشهد أطفال عائلة بكر يظل محفوراً في الذاكرة، بعدما كانت وسيلة القتل هذه المرة البوارج البحرية التي أطلقت حممها من داخل البحر، لتحول أجساد أربعة أطفال كانوا يلهون على الشاطئ بلعب كرة القدم إلى أشلاء، في واحدة من أبشع جرائم الحرب.

زكريا، عاهد، إسماعيل، ومحمد، هم الضحايا الأربعة، أكبرهم لم يتجاوز العاشرة من عمره، كانوا يحاولون خطف بعض الوقت لممارسة هوايتهم المفضلة، لكن الموت كان أقرب، لتتمزق أجسادهم الغضّة، وينضافوا إلى قائمة طويلة من الشهداء.

قبل وبعد هذه المجزرة سقط العشرات من الأطفال في نفس الحرب، ولعل ما حدث صبيحة يوم عيد الفطر حينذاك كان الأكثر قسوة، لكن مشاهد أجساد أبناء عائلة بكر التي تناثر أشلائها على الشاطئ ظلت راسخة في أذهان الجميع، وستظل كذلك.


علي دوابشة


أخيراً، حوت القائمة اسماً آخر، هو اسم الرضيع علي دوابشة الذي قُتل حرقاً أمس داخل منزله في قربة دوما في مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، بعدما تم إحراق منزل عائلته فجراً على أيدي مستوطنين متطرفين.

الجريمة خلّفت غضباً واسعاً في الشارع الفلسطيني، وتبعها مظاهرات واحتجاجات وسقوط ضحايا آخرين، في مؤشر على أن ما سيكون بعد قتل "علي" مختلفاً عمّا قبله وفق ما يرى البعض، والأكيد أن ثمة أسماء أخرى ستُضاف إلى تلك القائمة ما دامت إسرائيل سوى التنديد والشجب والاستنكار على ما ترتكب من جرائم.