أخر الأخبار
الروس ينفخون بقربة مثقوبة !
الروس ينفخون بقربة مثقوبة !

ربما من قبيل استعراض العضلات والتلويح بالعصا في وجه أميركا أعلنت الخارجية الروسية أنها أبرمت صفقة صواريخ (أسْ300) مع إيران وأنَّ الإيرانيين طلبوا بيعهم صفقة أخرى ولكن من صواريخ (أسْ400) وهكذا وإذا كان قصْد موسكو هو استعراض القوة, على خلفية ما جرى وما يجري في سوريا, فإنها في الحقيقة كمن ينفخ في قربة مثقوبة فدولة الولي الفقيه, التي يخيف الروس بها الأميركيين وتركيا والعرب المضادين لتحالفهم البائس في هذه المنطقة, تمر الآن في أوضاعٍ لا تسرُّ الصديق ولا تخيف الأعداء وهذا ما قاله بعض كبار المسؤولين الإيرانيين عشية الانتخابات التي  من المنتظر أن تجري في نهاية هذا الشهر . 
     إن المؤكد أن الناطق باسم الخارجية الروسية قد بادر إلى التلويح بعضلات الولي الفقيه المترهلة للتأثير على مجريات الأمور في سوريا في ضوء التطورات الأخيرة وهو بالتأكيد لم يقرأ التصريحات المخيفة التي أدلى بها هاشمي رفسنجاني وقال فيها إنَّ الإسلام يتراجع في إيران وإن المجتمع الإيراني على حافة الانهيار وأن الفساد منتشرٌ لكثرة التصرفات غير الأخلاقية لرجال الحكم مما ساهم في ارتفاع حالات الطلاق وتراجع الإقبال على الزواج .
     والأهم أن رفسنجاني الذي,كما يبدو, يمنيِّ نفسه باحتلال موقع علي خامنئي كمرشد أعلى للثورة وكوليٍّ فقيه قد وصف أوضاع المنطقة بأنها في أسوأ حالاتها وأن دولاً مجاورة لإيران تشهد حروباً طاحنة وتشهد عدم استقرار وهو حذَّر من خطر اندلاع حرب كبيرة في هذه المنطقة وكل هذا وهو يعرف بالتأكيد والروس أيضاً يعرفون أنَّ إيران بتطلعاتها وراء حدودها وبتدخلها السافر في الشؤون الداخلية للعديد من دول المنطقة هي سبب عدم الاستقرار هذا وهي التي بتصرفاتها الطائشة قد تتسبب باندلاع هذه الحرب الكبيرة التي تنبأ بها الشيخ رفسنجاني . 
     كان على الخارجية الروسية قبل أن تبادر إلى التلويح بصواريخ (أس300) و (أس400), التي زودت وقد تزود بها حراس الثورة الإيرانية على خلفية ما يجري في سوريا, أن تدرك أن إيران, بعدما تجرع الخميني «السُّم الزعاف» وقبل بوقف إطلاق النار مع العراق مرغماً في 8.8.1988, قد تخلت عن إستراتيجية الحروب المباشرة وباتت تعتمد على الجيوب الطائفية العميلة التابعة لها في بعض دول هذه المنطقة العربية كالعراق وسوريا ولبنان.. وأيضاً في اليمن . 
     كانت هزيمة إيران في حرب الثمانية أعوام ساحقة وماحقة وكان أحد الأسباب الرئيسية لتلك الهزيمة هو أنَّ العرب الشيعة قد انحازوا في تلك الحرب إلى وطنهم وإلى دولتهم وبالتالي إلى أمتهم العربية وأنَّ نسبتهم في الجيش العراقي ضباطاً وجنوداً قد اقتربت من السبعين في المائة وهذا هو ما دفع المعممين المخططين في «قُم» وطهران إلى التخلي عن نمط الحروب التقليدية المباشرة واعتماد نمط البؤر والجيوب الطائفية العميلة لتدمير مجتمعات الدول التي تستهدفها من الداخل وحقيقة أن هذا هو ما حصل في العراق وفي سوريا وذلك مع أن كل المؤشرات تدل على أنَّ هناك صحوة عروبية قومية وأن دولة الولي الفقيه ستفشل بالنتيجة في هذه المحاولة كما فشلت في حرب الصِّدام المباشر في عام 1988 . 
     ولهذا فإن المؤكد أن روسيا قد بادرت إلى غزوها العسكري لسوريا بعدما فشلت إيران فشلاً ذريعاً في حسم المعركة في هذه الدولة العربية مع أنها زجت بكل حراس ثورتها في هذه المعركة ومع أنها استعانت بأكثر من أربعين تنظيماً طائفياً من الشراذم التي استوردتها من العديد من الدول القريبة والبعيدة وهذا يعني أنه لا فائدة من تزويد دولة وصفها هاشمي رفسنجاني, الذي هو أحد كبار أركانها, بأنها على حافة الانهيار لا بصواريخ (أس300) ولا بصواريخ (أس400) !!