أخر الأخبار
جنيف3.. طرق مسدودة وأبواب مغلقة
جنيف3.. طرق مسدودة وأبواب مغلقة

فيما يواصل اعضاء الهيئة التفاوضية العليا المنبثقة عن مؤتمر الرياض، ضجيجهم الاعلامي واطلاق تصريحات نارية تكاد ان تكون كلها اشتراطات وتحذيرات, تحت طائلة قلب الطاولة على النظام واجباره على رفع الراية البيضاء، وغيرها من المصطلحات والاوصاف التي لا يتعب هؤلاء من التلفظ بها, حتى لو جاءت في سياقات مُتناقِضة تكشف حجم الارتباك وانعدام الثقة الذي يعيشونه، تبدو اجواء ووقائع جنيف3 وكأنها محكومة بالفشل، بعد ان لاح في الافق «فتور» الاطراف الدولية الفاعلة (وغير العربية بالتأكيد) التي تبدو غير عازمة على التدخل في «العمق» والتجسير على الهوّة الواسعة والمرشَّحة لمزيد من الاتساع بين وفدي الحكومة الشرعية وهيئة رياض حجاب (دع عنك طرفي المعارضة الموصوفين بوفد «لقاء موسكو» والاخر «لقاء القاهرة»).ما قد يُنذِر بانهيار المفاوضات ,التي لم تبدأ اصلاً,وحتى دون الإتفاق (أو عدمه)على تأجيلها,لاقتِراب موعد الانتخابات البرلمانية التي دعا اليها الرئيس السوري في الثالث عشر من نيسان الوشيك.
وبعيداً عن لعبة الدبلوماسية وفنون التفاوض, التي يحاول المبعوث الخاص دي ميستورا فرض قواعدها على الطرفين، رغم ان مهمته تنحصر في توفير المناخات لتطبيق القرارات الدولية ذات الصلة وخصوصاً 2254 و2268، ما زاد من حجم الانتقادات المُوجَهة اليه من الطرفين, وإن كانت حِدة الانتقادات مُتفاوِتة وظرفِية، فإن الخطاب الاعلامي الذي يلجأ اليه اعضاء هيئة رياض حجاب وخصوصاً الناطق الاعلامي سالم المسلط، يعكس بالفعل خواء جعبة هذه المعارضة, من اي اوراق حقيقية ذات رصيد يمكن صرفه في غرف التفاوض السياسي او في ساحات الميادين, التي تخلو من اي مؤيد او داعم لهذه «الهيئة» التي تم فرضها على السوريين من قِبَلِ عواصم اقليمية ودولية خلال السنوات الخمس, التي انتهت على المأساة المُبَرمَجة والمُخطط لها في الغرف السوداء, التي الحقها هؤلاء بسوريا وشعبها، ولم يكن جهاد مقدسي عضو وفد لقاء القاهرة المعارض, يتجاوز الحقيقة عندما قال في وضوح: أن المطلوب من لقاءات جنيف3 هو انهاء الحرب واحلال السلام في سوريا، لافتاً الى مسألة مهمة، وهي ان ممثلي المعارضة «جميعهم» غير مُنتَخَبين من الشعب السوري, وأن تقديم التنازلات، يجب ان يكون في مفهوم الجميع في جنيف.
هنا والان.. يجب وبالضرورة ان يتم اخضاع «الاوراق والوثائق» التي «تُفاخِر» هيئة رياض حجاب ,انها قدمَّتها للمبعوث الدولي, للفحص والتدقيق وقراءة الاهداف التي تسعى الى تحقيقها,خصوصاً ما تنطوي عليه هذه الاوراق «الملغومة»,التي يخرج المرء بانطباع فوري بعد قراءتها بهدوء وبرود وعقل مفتوح, انها لا تأخذ في الاعتبار الوقائع والتطورات والمستجدات الميدانية وخريطة التحالفات الاقليمية والدولية, وما طرأ عليها من تبدلات وأكلاف واستحقاقات. وبالذات حقيقة موازين القوى القائمة الان بين «اللاعبين» على الساحات السورية.
هيئة رياض حجاب... لم تُغادِر محطة جنيف3 , فيما باقي الاعلانات والتفاهمات والقرارات من فيينا 1 وفيينا 2 والقرارين الصادرين عن مجلس الامن 2254, 2268, ليس فقط تجاوزت هذا ال»جنيف واحد», بل «رَكَنَتْهُ» على الرف, وبات ايراده في أي ديباجة دولية او ثنائية بين موسكو وواشنطن خصوصاً, مجرد جملة اعتراضية, لا تستدعي معارضتها أو التوقف عندها.
ولنَقْرأ في وثيقة الهيئة التفاوضية العليا المنبثقة عن مؤتمر الرياض, التي نشرتها مواقع وفضائيات عديدة بعد أن سلّمَتها الى المبعوث الدولي. تقول احدى فقراتها: «تأكيد» مغادرة بشار الاسد الحكم مع «بداية» المرحلة الانتقالية, والاّ يكون له او لِمَن يُمثِله, «اي دور» في الترتيبات السياسية المقبلة.
هكذا حرفياً ودون تغيير في أي حرف أو كلمة, ما يعني أن «التفاوض» الذي سيجري (إن جرى) في جنيف 3 سيكون حول «التسليم والاستلام» لا اكثر ولا أقل, فهل ثمة اذاً أهمية اذا كان هؤلاء يصفون الورقة التي قدمها بشار الجعفري رئيس الوفد الحكومي لدي ميستورا قريبة أو «بعيدة» كل البعد عن القرارات الدولية, كما وصفها الناطق باسم هيئة حجاب, وما أهمية أو قيمة زعمه بأنهم لا يريدون مغادرة جنيف دون تحقيق «شيء»؟.
هم يريدون مفاتيح السلطة ونقطة في آخر السطر, وليس ثمة سطر جديد مسموح به بعد ذلك, لكتابة أي شيء آخر.
فهل هم يعتقدون أنهم يعيشون و»العالَم» في 12 حزيران 2012 يوم صدور توصيات جنيف واحد؟ أم أننا «هُمْ»نعيش في العام 2016؟
هل ثمة شك الآن, بأن هؤلاء «المعارضون» يعيشون في وهم وحال خداع كبيرة لأنفسهم, هم ومَن يرعاهم ويدعمهم ويمولهم؟