أخر الأخبار
الوضع الفلسطيني والمخاوف الحقيقية !
الوضع الفلسطيني والمخاوف الحقيقية !

ترحيب إسرائيل بمبادرة السلام العربية، التي أُقرت في قمة عام 2002، وإعلان الإستعداد قبل أيام، على لسان بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه أفيغدور ليبرمان ، لمحاورة العرب حول ما تضمنته هذه المبادرة يدل على المزيد من سوء النوايا وعلى أنَّ الإسرائيليين يهربون و»يتهربون» من إستحقاق حل الدولتين، دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من حزيران(يونيو) 1967 إلى جانب الدولة الإسرائيلية . 
وبالطبع فإن :»هكذا مضبطة تحتاج إلى هكذا ختم»، كما يقول المثل الشعبي المعروف الذي لا ضرورة لشرحه ، فهذه الحكومة الإسرائيلية التي رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو ووزير دفاعها أفيغدور ليبرمان هي إنتاج هذا التحول الهائل على المجتمع الإسرائيلي الذي بات غارقاً في تطرفٍّ أبشع كثيراً من تطرف المتطرفين الأوائل مثل مناحم بيغن واسحق شامير وإرييل شارون مما يعني أنه لا أمل إطلاقاً في سلام فعلي بالنسبة للقضية الفلسطينية في الوقت الحالي وعلى المدى المنظور. 
عندما يكون الوضع العربي هو هذا الوضع الذي :»لا يسر الصديق ولا يغيظ العدا» وعندما لا يُنْجز «جهاد» حركة «حماس»، التي هي فرع الإخوان المسلمين الفلسطيني، إلاّ شرخ الحالة الفلسطينية في أخطر ظرف تمر به قضية فلسطين والقيام بانقلاب عسكري أسوأ من كل الإنقلابات العسكرية العربية وإقامة دويلة بائسة في قطاع غزة فإنه أمرٌ عاديٌّ وطبيعي أن يتم كل هذا التحول نحو التطرف في المجتمع الإسرائيلي وإنه أمرٌ طبيعي وعادي أن يكون هناك بنيامين نتنياهو وأفيغدور ليبرمان وأن تدير إسرائيل ظهرها لعملية السلام ولحل الدولتين .. ولكل شيء . 
كان الفرنسيون قد دعوا إلى مؤتمر باريس الأخير ، كثر الله خيرهم ، الذي ربما أن إنجازه الوحيد أنه ذكّر العالم بأن هناك قضية لا تزال معلقة من رموش عيونها هي القضية الفلسطينية وبأنه ما لم تحل هذه القضية الحل المقبول وعلى أساس قيام دولة للفلسطينيين إلى جانب الدولة الإسرائيلية فإنَّ الإرهاب سيبقى يجد حجة ومبرراً للإنتعاش من جديد كلما سادت قناعة أو شبه قناعة بأنه تم القضاء عليه وأن الشرق الأوسط بكل المصالح الغربية فيه سيبقى :»على كفِّ عفريت» وإنه إذا تم القضاء على «داعش» فإن هذا التطرف الإسرائيلي سيوفر كل المبررات لظهور ألف «داعش» جديد . 
إنه لا أمل إطلاقاً بتحريك عملية السلام في الشرق الأوسط مادام أن أوضاع المنطقة هي هذه الأوضاع ومادام أن «الأصدقاء الأميركيين»، واللهم احمني من أصدقائي أما أعدائي فأنا كفيل بهم، يفعلون بنا كل هذا الذي يفعلونه ومادام أنهم سلموا مقاليد الأمور في سوريا للثنائي فلاديمير بوتين وسيرغي لافروف وأنهم لشدة «الإستخذاء» والوهن ما عادوا بإمكانهم النظر في عيني نتنياهو أو عيني ليبرمان . 
وهكذا فإنه لم يعد بالإمكان إلاّ القول:»نسأل الله أن يعين الشعب الفلسطيني» وأنه إذا كان يحق لنا أن نحذر القيادة الفلسطينية من شيء فإننا نحذرها أولاً: من موضوع الـ»الكونفدرالية» أو الـ»الفيدرالية» الذي تسعى إليه إسرائيل في هذا الوقت كمبرر للتهرب من استمرار عملية السلام بالصيغة السابقة منذ «أوسلو» وحتى آخر جولة مفاوضات وثانيا: من استبدال المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية بمفاوضات عربية – إسرائيلية .. التي إن هي حصلت فإنها قد تستمر لقرنٍ من الأعوام بأكمله وبدون أي نتيجة .