أخر الأخبار
الغنوشى غير أفكاره أم ثيابه
الغنوشى غير أفكاره أم ثيابه

منذ عدة أسابيع عقد حزب النهضة التونسى الذى أسسه الغنوشى مؤتمره العاشر واتشح فيه بثياب جديدة تتبدى قشيبة معلنا إنهاء مرحلة الخلط بين الدين والسياسة والبدء بمرحلة «دولة الإسلام الديمقراطى والمدني» وقبل أن استعرض ما أتى فى المؤتمر من أفكار وقرارات أود أن يتعرف القارئ على حقيقة راشد الغنوشي، فأنا تعرفت إليه، وحاورته تليفونيا وتعرضت لمجاملاته الممزوجة بتآمره، وقرأت كثيرا وطويلا عن جرائمه ومخادعاته ووحشية رجاله وتنظيمه. بما يجعلنى اتشكك فى مسلك الغنوشى الجديد خاصة أنه ورجاله يؤكدون اتخاذهم هذا المسلك تحت ضغط الأحداث ومحاذرة من مصير كمصير جماعتهم الأم (الإخوان). وبداية حكاياتى مع الغنوشى مكالمة تليفونية من مرشد الإخوان (المرحوم المستشار مأمون الهضيبي) يقول فيها «الأخ راشد يريد أن يلتقيك، واتفقنا على موعد فى فندق رمسيس هيلتون، وبعدها بنصف ساعة اتصل معتذرا «الأخ راشد» تم ترحيله. ومن مطار القاهرة كلمنى الغنوشى ضاحكا وقال فقدت فرصة لقائى بالعدو الأكبر فأنا مرحل إلى باريس، وقلت سأكون فى باريس بعد غد واعطيته اسم الفندق. واستقبلنى فى الفندق بورد شديد الفخامة وكارت اعتذار بأنه غادر إلى لندن. ولست أنكر أننى خلال فاصل اليومين راجعت ملفاتى عن حزب النهضة والغنوشى واكتشفت ما قد فاتنى وما قد نسيت. فحزب النهضة إرهابى من الدرجة الأولى وصاحب اختراعات متوحشة فى إرهاب واغتيال خصومه.. فأحد أئمة المساجد هاجم جماعة النهضة ودعا المصلين إلى تجنبها، فترصد له اثنان من النهضة وهو خارج من المسجد بعد صلاة الفجر، فتحوا فمه بالقوة وسكبوا فيه زجاجة كاملة من ماء النار (يسمى عند التونسيين ماء الفارق) وكادر عمالى واجه نشاطهم النقابى اختطفوه وسكبوا عليه وهو مقيد بنزينا ثم اشعلوا فيه النار. أما عن فنون الخديعة فعندما وصلت إلى باريس ووجدت الورود استعدت فنون الغنوشى فحملت حقائبى إلى فندق آخر بجوار السوربون حيث محاضراتي. وفى الغداء دخلت أنا والبروفيسور كولان وهو استاذ جامعى متخصص فى شئون الشرق الأوسط إلى مطعم «حمادي» الشهير فى الحى اللاتيني. وبعد الغداء اعطيتهم كارت فيزا وما إن اكتشفوا اسمى حتى كان ترحيب مفتعل وإصرار على تعطيلى بحجة تقديم حلويات تونسية كمجاملة. وبعدها أمرنى الأمن الفرنسى بمغادرة الفندق فقد التقطوا مكالمة من المطعم إلى مجموعة من جماعة النهضة بوجودى لديهم. وبعدها اتصلت الاذاعة البريطانية بى وأنا فى القاهرة لحوار مع الغنوشى فطلب أن أتحدث معه قبل اذاعة اللقاء، وجاء صوته مرحبا وعاتبته فضحك قائلا ربما أرادوا أن يتعرفوا على من تعرفهم وربما كانوا يسعون لحمايتك. ولم اصدقه طبعا. وتتوالى قصص الخديعة على مدى حياة الغنوشى ففى فترة تصالح بين جماعة النهضة وبين نظام زين العابدين بن على وفيما كانت ترتيبات انتخابية تجرى لمنح النهضة حصة فى البرلمان فى ذات الوقت اكتشفت مخابرات بن على أن الغنوشى قد رتب مع طالبان أن ترسل له صاروخ أرض جو يمكنه اسقاط طائرة الرئيس بن على وأن الصاروخ يصل إلى الجزائر بحرا ومنها برا إلى تونس كما انه دبر علاقة مع أحد العاملين بالقصر الرئاسى ليعرف بالدقة موعد سفر الرئيس ودبر علاقة أخرى مع أحد ضباط المراقبة الجوية ليقدم لهم احداثيات تحرك الطائرة وصعودها. كل ذلك ورجال النهضة يفاوضون رجال بن علي. هذه هى رؤيتى التى تراكمت عبر سنين. وبعد الإطاحة بزين العابدين بن على عاد الغنوشى ليتربع على عرش تونس لكنه كان أكثر ذكاء من اساتذه فى جماعة الاخوان فلم يرشح نفسه رئيسا بل استأجر مرشحا كان فى الأصل يساريا ومدافعا عن حقوق الإنسان ومنحه دعما قويا حتى أصبح رئيسا وفى نفس الوقت ألعوبة فى يد النهضة. وبهذا افلت من مصير الألعوبة. بينما بقى على العريض رئيس الحكومة وهو قيادى فى النهضة كان ايضا وزيرا للداخلية دون مساس به، ولم يزل لاعبا أساسيا فى السياسة التونسية، ولمح الغنوشى بدهاء لا يستطيع أن ينكره أحد المصير البائس لأساتذته فى إخوان مكتب الارشاد، والمصير المثير للاشمئزاز الذى وصل إليه اردوغان. ومصير من تولوا مسئولية.