أخر الأخبار
عــن دولـة بشر الخصاونه وجيل الستين
عــن دولـة بشر الخصاونه وجيل الستين

الحكومات المتعاقبة لطالما طرحت خيار الثورة البيضاء، لمعالجة الترهل الكبير في الإدارة العامة، واليوم يقول البعض إن الدولة خسرت كثيراً، بإخراج من هم في سن الستين على التقاعد، وان هذا الإخراج ربما يكون سبباً للترهل وضياع الخبرة وفقدان القيمة الكبيرة لتلك العقول التي غادرت.
والصحيح ان المشكلة مختلفة ولا يحلها إبقاء جيل الستين والحيل دون ترويحهم على أساس بلوغ سن التقاعد، فالمعضلة اليوم ان اولئك من هم من جيل الستين لم يعملوا على خلق صف ثاني، ولم يدربوا ويروضوا انفسهم على فكرة انها « لو دامت لغيرك ما اتصلت لك». فالتغيير سنة الدول وناموس من نواميس الكون.
المؤسسات تعج بالضعف، من عدم وجود صف ثاني ولا ثالث من القيادات، والواسطة والتجاوز على أسس الترقية والتقدم احالت الإدارة العامة لمزارع ومحسوبيات، وكلنا شركاء، في ذلك، والمجتمع يرى بالنائب او الوزير او رئيس الحكومة الذي لا يقدم اقاربه واهل منطقته، شخصية غير جديرة بالاحترام ونجد المجتمع يلوم قياداته ويقارن بين ذاك الذي ملأ المؤسسات من جهة واحدة جغرافيا، وبين من يلتزم بالقانون وعدالة الترقية.
المجتمع مريض نعم، وربط الحوافز والترقي بالأداء غير موجود. والمحسوبية موجودة، و الخدمات رديئة، ألم يكن من احيلوا الى التقاعد واهل خبر موجودين في ظل تلك الحالة الموروثة؟ المرض ليس وليد اليوم بل متراكم.
الحل ليس بإبقاء من بلغ سن التقاعد في مكانه مخلداً كي ننهل من ابداعه، بل مساءلته لماذا لم يقدم صفا ثانيا يخدم المؤسسة والمجتمع، وبالتالي تفتح الأبواب لجيل من الشباب في الترقي والتقدم.
للأسف يريد البعض ان نخلد من بلغ من العمر سن التقاعد، كي لا تنهار المؤسسات، وهذا للأسف قول لا يخدم التطوير المؤسسي ولا يُحدث التقدم المطلوب بل يبقي القديم على قدمه.
ثم إن البعض يقول قبل عشرين سن كنّا احسن، وهذا صحيح، لكن قبل عقدين كان عدد سكان الأردن خمسة ملايين، واليوم نحن ضعف ذلك العدد، وهناك ربع السكان تقريبا لاجئين لهم اثر مباشر على قطاع الخدمات.
نعم لدينا مشكلات وتحديات، لكن يجب ان يكون لدينا اعتراف باننا أحيانا لم نشخص العلل كما يجب، ونريد البقاء في ثوب الماضي، والحقيقة من يريد احداث ثورة بيضاء فالطريق معروف، فهناك حالات تقييم لقيادات في مؤسسات وطنية تعطل تنفيذها لضغوط محددة، ولمراعات ضغط الجهويات القاتل.
 لماذا يبقى مسؤول في مؤسسة كبرى بعد تقييمه وثبات فشله، ولماذا تحتكر قبولات الاختصاص في المستشفيات، وهي اشبه بمافيا، فلا تجد طبيبا مختصا في الغور او المفرق او معان يعالج القلب والاعصاب والجهاز التنفسي.
الجواب، لان هناك عصبة تتحكم في الأمر ومستفيدة من إبقاء الحلقة مغلقة؟ هذا ما يجب ان يفك طلاسمه دولة الرئيس، وان يذهب بتحديث الجهاز التنفيذي وتفعيل دور معهد الإدارة العامة لتطوير موظفي القطاع العام، وقياس فاعلية المؤسسات بجدية كبيرة وإبقاء من يستحق وإخراج من لم يحدث نفسه ومؤسسة بتغيير الادوار والمهمات واحلال الخبرات وإيجاد أسس ترقية واضحة.