أخر الأخبار
الحكومة “تشرعن” الطبقية
الحكومة “تشرعن” الطبقية
تصر الحكومة باستمرار على استعداء الناس بتصريحات مستفزة مجانية، لا يتم تمحيصها جيدا قبل إطلاقها من ألسنة غير مسؤولة.
آخر صولات الحكومة “العنترية” كانت من خلال التصريحات غير المنطقية التي جاءت على لسان مساعد أمين عام وزارة الصناعة والتجارة والتموين لشؤون التجارة الداخلية عماد البزور، الذي علق على ارتفاع أسعار اللحوم البلدية بالقول “هنالك تنوع في الأسعار، وبإمكان المواطن أن يشتري اللحوم بما يناسب ميزانيته”!
هذا تصريح لا يمكن أن يتم القبول به، فبدلا من أن تلجأ الحكومة إلى إيجاد حلول للحد من الارتفاع الجنوني في الأسعار، وبدلا من تكون مظلة حماية للمواطن، تذهب، هي بنفسها، إلى تشريع الطبقية، وتسليمه للمجهول، متناسية أن المواطن، ومنذ سنوات طويلة يتلقى الضربات الاقتصادية الأليمة، من غير سند أو معونة.
بتصريحه هذا، فهو إنما يدافع عن حق الحكومة بـ”التقصير” في حماية المواطن، كما يدافع عن حق التجار في الجشع والتغول على الناس والربح الفاحش، ولا يتوانى عن أن يكون “حكيما” بما فيه الكفاية لكي يشير للمواطن أن يقنع بـ”حجمه” الطبيعي، وطبقته.
المسألة لا تتوقف عند اللحوم البلدية فحسب، فالأسواق تشهد ارتفاعات جنونية في أسعار سلع غذائية وأساسية، بينما تكتفي الحكومة بدور المتفرج وكأنما لا حول لها ولا قوة، بل إنها حين تريد الخروج إلى الإعلام فإن لسانها لا يسعفها سوى بصب الزيت فوق النار، والخروج بمظهر العبقري الذي اكتشف الجاذبية، حين تقرر بلغة غير قابلة للتأويل أننا نعيش في سعار رأسمالي متوحش انسحبت فيه الحكومة جميع مهماتها تجاه المواطن، وتعترف بأن ثمة طبقية تحكم المجتمع الذي عليه أن “يتأقلم” مع هذه الحقيقة!
المشكلة أن تجار اللحوم أنفسهم يؤكدون أن ارتفاع الأسعار ناتج عن نقص الكميات المعروضة في السوق المحلية بسبب زيادة الكميات المصدر منها للخارج، خصوصا إلى دول الخليج العربي. هذه الحقيقة يجب أن لا نتعامل معها بحسن نية، فأولوية أي حكومة ينبغي أن يكون المواطن أولا وأخيرا، فهو المستهلك الرئيسي الذي ينبغي أن يتم توفير جميع السلع له بأسعار مناسبة في متناول يده، وأن لا يتم اللجوء إلى تصدير سلع أساسية إلا بعد الاكتفاء الذاتي الداخلي، وإن تبين أن فتح التصدير يضر بمصلحته، فيتوجب أن يكون هذا الباب محرما تماما.
التجار، كذلك، بينوا أن من الأسباب الأخرى وراء نقص الكميات المعروضة في السوق المحلية وارتفاع الأسعار، هو لجوء مربي مواشي إلى تسمين مقتنياتهم، تمهيدا لتصديرها قبيل حلول عيد الأضحى المبارك. هذه حقيقة أخرى تبشرنا بها الحكومة، وهي أن الأسعار ستكون جنونية في عيد الأضحى كذلك، وسوف يتوجب على المواطنين الغلابى أن يضحوا بما يتلاءم مع ميزانياتهم المهترئة في الأصل، وعندها لن يستطيعوا تأمين حتى الدجاج!
أن يلامس سعر كيلو غرام اللحم البلدي حاجز 15 دينارا، فهذا يدلل على فشل حكومي في حماية المواطن، وفي فرض هيبتها على الأسواق من خلال الرقابة عليها. صحيح أننا “كفرنا” بقدرة الجهات المعنية على فعل شيء لمصلحتنا، لكننا ما نزال نطالبها بأن تفعل ذلك!