بعد الإطاحة بحكم الرئيس عمر البشير في أبريل 2019 استلم الجيش بقيادة اللواء عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو الملقب (حميدتي) قيادة مجلس السيادة وتم تنصيب الأول كرئيس والثاني كنائب له على أن يتم إجراء انتخابات خلال عامين وتسليم السلطة لرئيس مدني مُنتَخب من الشعب ولكن لم يتم ذلك وعمت البلاد مظاهرات سلمية عارمة استمرت عدة اشهر كانت تطالب بتسليم السلطة لحكومة مدنية مُنتَخَبة سقط خلالها عشرات القتلى والجرحى .تعد قوات الدعم السريع جماعة شبه عسكرية لها نفوذ كبير وخاصة في مناطق دارفور وجنوب العاصمة الخرطوم ، ويقدر تعدادها 100 الف محارب وهذا يساوي تعداد جنود الجيش السوداني وانبثقت هذه القوات عما يسمى مليشيات الجنجويد المسلحة التي كانت تقاتل الى جانب الرئيس السابق عمر البشير في دافور مما أخمد التمرد قبل 20 عاما وتم تشريد 2.5 مليون مواطن ومقتل 300 الف ، واتُهِمَت هذه المليشيات بارتكاب انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان والعنف القبلي مما دفع محكمة العدل الدولية لإصدار مذكرة اعتقال بحق الرئيس السابق عمر البشير والمطالبة بمحاكمته في محكمة لاهاي .وفي عام 2021 قامت قوات الردع السريع بالانقلاب على رئيس الوزراء المدني عبد الله حمدوك ومنعت تشكيل حكومة مدنية وتعيين رئيس وزراء غير عسكري ، وبعد توافقات مرت في مراحل حوار مريرة بين قوى مدنية وعسكرية دامت أشهرا أدى هذا إلى تأجيل الانتخابات إلى أجلٍ غير مسمى .اللواء عبد الفتاح البرهان أكثر قرباً من الولايات المتحدة الأمريكية وقد قدم تنازلات كبيرة من أجل رفع العقوبات عن السودان والتي استمرت منذ عام 1988 وأحدثت للسودان خسائر اقتصادية تُقدر بقيمة 50 مليار دولار كما انه قام بالتطبيع مع الكيان الصهيوني مقابل إخراج السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب وهو اكثر تقبلاً للتنازل عن السلطة لحكومة مدنية ، كما أنه قريب من مصر ويحاول انشاء جبهة مصرية سودانية لمقاومة التبعات السلبية لسد النهضة الاثيوبي .ولكن حميدتي أقرب إلى روسيا وتربطه علاقات جيدة مع جماعة فاغنر وقد وعد روسيا اثناء زيارة له هناك بوجود عسكري في ميناء سوداني على شواطئ البحر الأحمر، كما تربطه علاقة وثيقة مع أثيوبيا ويعتبر من حلفاء رئيس الوزراء الأثيوبي آبي أحمد علي . كما انه يسيطر على مناجم الذهب والتي تساهم في 40% من الدخل القومي ويسيطر على سلسلة شركات متعددة التخصصات مثل المواشي وبناء البنية التحتية للبلاد.لقد نمت قوات الردع السريع بشكل كبير وبدعم من الرئيس السابق مما أقلق الجيش ورفض دمجها في قواته وهذا دفع الرئيس السابق عام 2015 لإعطائها صفة قوة امن مستقلة تابعة لقيادة القوات المسلحة ولكنها انقلبت على الرئيس واطاحت به في عام 2019.ان اصوات الرصاص والصدامات الحالية بين الجيش السوداني النظامي وقوات الردع السريع وسقوط مئة قتيل و أكثر من 350 جريح في يومٍ واحد قد أدخلت الذعر في قلوب المواطنين وادخلت البلاد في حالة من عدم الاستقرار وخاصة بعد احتلال مطار مروي في شمال العاصمة الخرطوم واعتقال عناصر من القوات الجوية المصرية المتواجدة هناك والتي لا تزيد عن بضعة أشخاص كان لهم وظائف تدريبية منذ 2021 ووجود ست طائرات «ميغ – 29» تابعة للقوات الجوية المصرية تُتَهم مصر أنها كانت تنوي استخدمها في حال تدهور المحادثات مع أثيوبيا لحل أزمة سد النهضة واستخدامها لأغراض عسكرية ضد أثيوبيا ، يضاف إلى ذلك أنه تم إصابة طائرة مدنية سعودية كانت جاثمة في المطار بأضرار.إذاً الوضع الحالي في السودان خَطِر جداً ومن المحتمل احتدام الصراع المسلح مما سيؤدي إلى حرب أهلية طويلة الأمد وربما تقسيم السودان مرة أخرى . كما أنه من غير المستبعد دخول دول وتحالفات في الصراع مما سيجعل من السودان ليبيا او سوريا جديدة.