أخر الأخبار
الممكن والمستحيل للمصالحة الفلسطينية
الممكن والمستحيل للمصالحة الفلسطينية
تتأرجح المصالحة الفلسطينية بين نقيضين هما الممكن والمستحيل ، فما هو الممكن وما هو المستحيل ، في اعتقادي ان الممكن في المصالحة يتحقق في حالة واحدة فقط ، إذا أدركت جميع الأطراف ان المصالحة هي مصلحة مشتركة وقيمة كبيرة تحقق اهدافهم ، اما المستحيل فهو إدراك الكثير من ذوي التأثير في الجانبين أن المصالحة تشكل تهديدا مباشرا لمصالحهم وبالتالي فإن تعطيلها يصبح هو الهدف .
الممكن والمستحيل في المصالحة نقيضان ، لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يلتقيا ، فبقاء احدهما يعتمد على افناء الآخر ، هناك تكمن المعضلة ، كيف نزاوج بين نقيضين ، كيف نخرج من هذا التيه ، كيف نقنع الاطراف ان المصالحة هي مصلحة للجميع ، فمن الواضح ان كلمات مثل فلسطين أكبر من الجميع ، والمصلحة الوطنية العليا، والهم الفلسطيني المشترك وغيرها، لم تعد مجدية أو مؤثرة وهي فقط للاستهلاك الإعلامي أو تشكل طوق نجاة لمن يجدون أنفسهم في موقف دفاعي ، كيف نصيغ خطابنا الوطني بما يشكل وجدان ووعي جديد يتماهى مع الواقع الفلسطيني .
بحساب المكسب والخسارة وبشكل محايد ، نجد ان تحقيق المصالحة يحقق مكسبا للشعب الفلسطيني ، ولكن هل تحقيق المصالحة يحقق مكسبا لصناع القرار والمستفيدين من واقع الانقسام ، في اعتقادي لا لأنه لو كان الحال عكس ذلك لتحققت المصالحة منذ زمن بعيد ، على الطرف الآخر نجد الانقسام حقق مكاسب كبيرة لأطراف سواء كانت هذه المكاسب سياسية او اقتصادية أو حتى اجتماعية ، مكاسب كبيرة ونفوذ سياسي ، فهل أي طرف على استعداد للتضحية بكل ذلك .
الأمر المؤلم هو أن الشعب قدم الكثير ودفع الفاتورة والاستحقاق أكثر من مرة أملا في تحقيق واقع جديد ينعكس بتخفيف للمعاناة اليومية التي مست الحياة بأدق تفاصيلها ، ولكن مع مرور الزمن يترسخ الواقع ويتولد عنه واقع أكثر سوءا وهكذا معاناة تستنسخ معاناة وكأن الشعب يأتي في آخر القائمة او هو غير موجود في قائمة الأولويات للأسف 
عودة للممكن والمستحيل للمصالحة الفلسطينية ، من الممكن ان تتحقق المصالحة ولكن في حالة إذا اوجدنا آلية تخلق نوعا من التوازن بين مصالح جميع الأطراف ، من الممكن ان تتحقق المصالحة إذا تم تشكيل آلية ضاغطة على ذوي المصالح الخاصة وتجبرهم على التراجع ، من الممكن تحقيق المصالحة إذا فهم الجميع أن هناك عدوا منسيا يجب التفرغ لمواجهته سياسيا وعسكريا وثقافيا ، من الممكن تحقيق المصالحة قبل كل ما سبق إذا ما تم وضع مصلحة الشعب الفلسطيني على رأس الاولويات لكل القياديين وصناع القرار .
على الجانب الآخر من المستحيل تحقيق المصالحة إذا استمر ذوي المصالح الخاصة في حالة التغول والضرب بعرض الحائط بكل طموحات الشعب الفلسطيني ، من المستحيل تحقيق المصالحة إذا لم نوجد خطاب وطني وسياسي مشترك يجمع الكل الفلسطيني ، من المستحيل تحقيق المصالحة اذا تمسك كل طرف بمصالحه الحزبية الضيقة مفضلا اياها على المصلحة الفلسطينية العليا ، من المستحيل تحقيق المصالحة إذا لم نوجه الجهود لإدارة المعركة السياسية والعسكرية مع المحتل الإسرائيلي، من المستحيل تحقيق المصالحة إذا لم نستعد انفسنا ونستعيد وعينا ونخرج من حالة الغيبوبة الوطنية والتي انزلقنا فيها بفعل فاعل وبفعل انفسنا عندما فقدنا بوصلة فلسطين .