لم تكن حركة فتح يوما مشكله يعاني منها أبنائها ، بل قد يكون ما لم يفارق تفكيرهم أن تكون فتح قويه ومتماسكه وموحده لأنها صمام الأمان للقضية الفلسطينية و الأهم لهم أن يشعر الجسم بالراحة، حتى لو لم يجد الجدران التي تأويه.
و لكن قبل برهة من الزمن عانى الجسم الفتحاوي وما زال يعاني من حالة الترهل في أطر وهياكل الحركة وتفشي الفساد والمحسوبيات في بنيتها التنظيمية ، وتسلط مجموعة من الأفراد على القرار التنظيمي برمته .
و نتيجة لذلك تم الاسراع بعقد المؤتمر العام السادس للحركة و كانت نتائجه قد اسفرت عن قيادة تجمع بين جيل الشباب و التأسيس للحركة ، و بعد هذه الافرازات للمؤتمر عمل الجسم بكل هدوء ، لكن سرعان ما عادت وتيرة العمل للثبات و لم يحرك ساكناً ليتفاجئ الجميع بقرارات فصل تصدر بحق كل من يعارض سياسة الرئيس و نشبت الخلافات بين اعضاء اللجنة المركزية حتى يومنا هذا ، لتخرج بعدها الدعوات وتمارس الضغوط على القياده لحل مشاكل الترهل والقضاء على الفساد والمحسوبيات والغاء تسلط مجموعه من الافراد على القرار التنظيمي لتبعث فيها روحاً جديده ، وتضخ الدماء في أوردتها وشرايينها .
وجاءت المؤتمرات التنظيمية بالاقاليم في العام 2014 كارثية بكل معنى الكلمة، إذ تم تزويرها أحيانا وتفصيلها أحيانا ليحرم منها قيادات وكوادر في غزه من المشاركه فيها والهيمنة عليها في شكل غير مسبوق ، لتستمر بذلك عقلية الاقصاء و التفرد و سيطرة مجموعة من النفر حول الرئيس على القرارات الخاصة لهم من تجميد و تهميش لقيادات الحركة في قطاع غزة ، و برغم كل ذلك ظل الفتحاويون يعيشون على أمل أن يكون القادم أفضل ، فكانت هذه المجموعه من النفر تفكر بالجديد من القرارات فتكرر المشهد بصورة أكثر سوءاً وكارثيه و المتمثلة بقطع رواتب المناضلين من أبناء فتح في غزه . وبعد توالي هذه الأحداث ، أصبح لدى الكثيرين من ابناء فتح قناعه ،، أن الأزمه التي تمر بها الحركه لن تجد حلاً بعيداً عن مائدة الحوار الفتحاوي وانهاء كل الخلافات ، الأمر الذي رفضه الرئيس ومن حوله ، نظراً أن تفرد الرئيس ومن حوله بالقرار يطيل أمدها ويزيدها أكثر ترهلاً ، إن الأزمه الحقيقيه داخل حركة فتح تتمثل في فكر الإقصاء والتميز والتفرد والسيطره والهيمنه ، وليست في وجود هيكل من عدمه ، على أن يكون للحركه هيبه . لكن الفتحاويون ليس بحاجه لرئيس يقصيهم ويقطع أرزاقهم ، بل بحاجه الى قائد يأتي بحقوقهم ويدافع عنهم جميعا ويعاقب المخطئ منهم ، قائد وطني شجاع جامع ولا يفرق بين فتحاوي وآخر على خلفية محبته وكرهه ، إن مثل هذا القائد لا يمكن له أن يستمر بالوجود دون إعادة الإعتبار للأسس التي إنطلقت عليها حركة فتح ، ومن دون المساواه والعداله ، والتزام المعايير التنظيميه ، وأخلاقيات القياده ، وإعلاء الحركه فوق الأشخاص ، أو المصالح الضيقه .. كل ذلك لن يأتي دون لملمة الجراح و وحدة الحركه ، مثلما يسعى الكل الفتحاوي الى وحدة الحركة وقوتها وهيبتها . إن العمل على إعادة فتح من هذه المجموعه ، بات أمراً ملحاً وضرورياً ولا بديل منه، لأنه سيفتح الطريق أمام عودة الروح لجسد أنهكته الأزمات .